يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ قَالَ: جَعَلَا يَأْخُذَانِ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ فَيَجْعَلَانِ عَلَى سَوْآتِهِمَا، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ ﴿يَخْصِفَانِ﴾ قَالَ: يُرَقِّعَانِ كَهَيْئَةِ الثَّوْبِ، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخَذَا مِنْ وَرَقِ التِّينِ. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ لِبَاسُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ ظُفْرًا كُلَّهُ، فَلَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ كُشِطَ عَنْهُ وَبَدَتْ سَوْأَتُهُ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهِ قَالَ: كَانَ لِبَاسُ آدَمَ وَحَوَّاءَ النُّورَ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَرَى عَوْرَةَ الْآخَرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: ﴿سَوْآتِهِمَا﴾ كِنَايَةٌ عَنْ فَرْجَيْهِمَا) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ.
قَوْلُهُ: ﴿ادَّارَكُوا﴾ اجْتَمَعُوا) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَزَادَ، وَيُقَالُ تَدَارَكَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ أَيِ اجْتَمَعَ، وَالتَّاءُ مُدْغَمَةٌ فِي الدَّالِ، انْتَهَى. وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ، وَالْأَصْلُ تَدَارَكُوا، وَقَدْ قَرَأَ بِهَا الْأَعْمَشُ وَرُوِيَتْ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (الْفَتَّاحُ الْقَاضِي، ﴿افْتَحْ بَيْنَنَا﴾ اقْضِ) كَذَا وَقَعَ هُنَا، وَالْفَتَّاحُ لَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي سُورَةِ سَبَأٍ، وَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِتَفْسِيرِ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ﴾ وَلَعَلَّهُ وَقَعَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ مِنَ النُّسَّاخِ، فَقَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا﴾ أَيِ احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَا أَبْلِغْ بَنِي عَصْمٍ رَسُولَا … فَإِنِّي عَنْ فِتَاحَتِكُمْ غَنِيٌّ
الْفَتَّاحُ الْقَاضِي. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَمِنْهُ يَنْقُلُ الْبُخَارِيُّ كَثِيرًا. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طُرُقٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا كُنْتُ أَدْرِي مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿افْتَحْ بَيْنَنَا﴾ حَتَّى سَمِعْتُ بِنْتَ ذِي يَزَنَ تَقُولُ لِزَوْجِهَا: انْطَلِقْ أُفَاتِحْكَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (افْتَحْ بَيْنَنَا) أَيِ اقْضِ بَيْنَنَا، وَمَنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمَا مِثْلُهُ.
قَوْلُهُ: ﴿وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ إِلَخْ) تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ.
قَوْلُهُ: (الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ وَاحِدٌ إِلَخْ) تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ الْكِسَائِيِّ، أَيْ قَالَ: الرِّيشُ وَالرِّيَاشُ اللِّبَاسُ.
قَوْلُهُ: (قَبِيلُهُ جِيلُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: (قَبِيلُهُ) قَالَ: الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ.
قَوْلُهُ: (وَمَشَاقُّ الْإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهَا تُسَمَّى سُمُومًا وَاحِدُهَا سَمٌّ، وَهِيَ عَيْنَاهُ وَمَنْخِرَاهُ وَفَمُهُ وَأُذُنَاهُ وَدُبُرُهُ وَإِحْلِيلُهُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ أَيْ ثُقْبِ الْإِبْرَةِ، وَكُلُّ ثُقْبٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ أَنْفٍ أَوْ أُذُنٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ سَمٌّ وَالْجَمْعُ سُمُومٌ. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَسَامُّ الْإِنْسَانِ بَدَلَ مَشَاقِّ وَهِيَ بِمَعْنَاهُ.
قَوْلُهُ: ﴿غَوَاشٍ﴾ مَا غُشُّوا بِهِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ وَاحِدَتُهَا غَاشِيَةٌ وَهِيَ مَا غَشَّاهُمْ فَغَطَّاهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: الْمِهَادُ لَهُمْ كَهَيْئَةِ الْفِرَاشِ. وَالْغَوَاشِ يَتَغَشَّاهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ. وَمَنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: الْمِهَادُ الْفُرُشُ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ قَالَ: اللُّحُفُ.
قَوْلُهُ: (نَكِدًا قَلِيلًا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا﴾ أَيْ قَلِيلًا عَسِرًا فِي شِدَّةٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تُنْجِزِ الْوَعْدَ إِنْ وَعَدْتَ … وَإِنْ أَعْطَيْتَ أَعْطَيْتَ تَافِهًا نَكِدَا
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: النَّكِدُ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ الَّذِي لَا يَنْفَعُ.
قَوْلُهُ: ﴿طَائِرُهُمْ﴾ حَظُّهُمْ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ﴾ قَالَ: حَظُّهُمْ وَنَصِيبُهُمْ.
قَوْلُهُ: (طُوفَانُ مِنَ السَّيْلِ، وَيُقَالُ