للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَعْفَرٍ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ مَنْ جَاءَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ) تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ بِلَفْظِ وَجَاءَ رَجُلٌ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : تَصَدَّقُوا فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بَعْثًا، قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي أَرْبَعَةُ آلَافٍ: أَلْفَيْنِ أُقْرِضُهُمَا رَبِّي، وَأَلْفَيْنِ أُمْسِكُهُمَا لِعِيَالِي، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا أَعْطَيْتَ وَفِيمَا أَمْسَكْتَ، قَالَ: وَبَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَصَابَ صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ، الْحَدِيثَ.

قَالَ الْبَزَّارُ: لَمْ يُسْنِدْهُ إِلَّا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كَامِلٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي عَوَانَةَ مُرْسَلًا، وَذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي بِغَيْرِ إِسْنَادٍ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالَ: وَحَثَّ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى الصَّدَقَةِ - يَعْنِي فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ - فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَالِي ثَمَانِيَةُ آلَافٍ جِئْتُكُ بِنِصْفِهَا وَأَمْسَكْتُ نِصْفُهَا، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيمَا أَمْسَكْتَ وَفِيمَا أَعْطَيْتَ، وَتَصَدَّقَ يَوْمَئِذٍ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ بِمِائَةِ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، وَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ. الْحَدِيثَ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ بِمَعْنَاهُ.

وَعِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعِمِائَةِ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: إِنَّ لِي ثَمَانَمِائَةِ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ الْحَدِيثَ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِينَارٍ وَمِثْلُهُ لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وَحَكَى عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ أَنَّهُ جَاءَ يَوْمَئِذٍ بِتِسْعِمِائَةِ (١) بَعِيرٍ، وَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ فِي الْقَدرِ الَّذِي أَحْضَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَصَحُّ الطُّرُقِ فِيهِ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَوْ غَيْرَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَوَقَعَ فِي مَعَانِي الْفَرَّاءِ أَنَّ النَّبِيَّ حَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَجَاءَ عُمَرُ بِصَدَقَةٍ، وَعُثْمَانُ بِصَدَقَةٍ عَظِيمَةٍ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ يَعْنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، ثُمَّ جَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: مَا أَخْرَجَ هَؤُلَاءِ صَدَقَاتِهِمْ إِلَّا رِيَاءً، وَأَمَّا أَبُو عَقِيلٍ فَإِنَّمَا جَاءَ بِصَاعِهِ لِيَذْكُرَ بِنَفْسِهِ، فَنَزَلَتْ. وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِصَدَقَتِهِ، وَجَاءَ الْمُطَّوِّعُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: فَنَزَلَتْ ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ﴾ قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَالْوَاوِ وَأَصْلُهُ الْمُتَطَوِّعِينَ فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الطَّاءِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَغْزُونَ بِغَيْرِ اسْتِعَانَةٍ بِرِزْقٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَيْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ﴾ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُطَّوِّعِينَ، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ﴾ لِاسْتِلْزَامِهِ فَسَادُ الْمَعْنَى، وَكَذَا مَنْ قَالَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ، فَكَأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ مُطَّوِّعُونَ مُؤْمِنُونَ وَالثَّانِي مُطَّوِّعُونَ غَيْرُ مُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَالْحَقُّ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُطَّوِّعِينَ، وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَالنُّكْتَةُ فِيهِ التَّنْوِيهُ بِالْخَاصِّ لِأَنَّ السُّخْرِيَةَ مِنَ الْمُقِلِّ أَشَدُّ مِنَ الْمُكْثِرِ غَالِبًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ في الحديث الثاني: (فَيَحْتَالُ أَحَدُنَا


(١) في هامش طبعة بولاق: في نسخة "بسبعمائة".