تُفَنِّدُونِ﴾ أَيْ تُسَفِّهُونَ، كَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ أَيْضًا أَتَمَّ مِنْهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ﴾ قَالَ لَمَّا خَرَجَتِ الْعِيرُ هَاجَتْ رِيحٌ فَأَتَتْ يَعْقُوبَ بِرِيحِ يُوسُفَ فَقَالَ ﴿إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ﴾ قَالَ لَوْلَا أَنْ تُسَفِّهُونَ، قَالَ فَوَجَدَ رِيحَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقَوْلُهُ (تُفَنِّدُونَ) مَأْخُوذٌ مِنَ الْفَنَدِ مُحَرَّكًا وَهُوَ الْهَرَمُ.
قَوْلُهُ: ﴿غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ كُلُّ شَيْءٍ غَيَّبَ عَنْكَ فَهُوَ غَيَابَةٌ، وَالْجُبُّ الرَّكِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ) كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ كَمَا هُوَ سَأَذْكُرُهُ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَقَالَ غَيْرُهُ غَيَابَةُ إِلَخْ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
قَوْلُهُ: ﴿بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ بِمُصَدِّقٍ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ أَيْ بِمُصَدِّقٍ.
قَوْلُهُ: ﴿شَغَفَهَا حُبًّا﴾ يُقَالُ بَلَغَ شِغَافَهَا وَهُوَ غِلَافُ قَلْبِهَا، وَأَمَّا شَعَفَهَا يَعْنِي بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَمِنَ الشُّعُوفِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا﴾ أَيْ وَصَلَ الْحُبُّ إِلَى شِغَافِ قَلْبِهَا وَهُوَ غِلَافُهُ، قَالَ وَيَقْرَأُهُ قَوْمٌ شَعَفَهَا أَيْ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنَ الشُّعُوفِ انْتَهَى. وَالَّذِي قَرَأَهَا بِالْمُهْمَلَةِ أَبُو رَجَاءٍ، وَالْأَعْرَجُ، وَعَوْفٌ رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ، وَرُوِيَتْ عَنْ عَلِيٍّ وَالْجُمْهُورِ بِالْمُعْجَمَةِ، يُقَالُ مَشْغُوفٌ بِفُلَانٍ إِذَا بَلَغَ الْحُبُّ أَقْصَى الْمَذَاهِبِ، وَشِعَافُ الْجِبَالِ أَعْلَاهَا، وَالشِّغَافُ بِالْمُعْجَمَةِ حَبَّةُ الْقَلْبِ، وَقِيلَ عَلَقَةٌ سَوْدَاءُ فِي صَمِيمِهِ. وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ قُرَّةِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الشَّغَفُ - يَعْنِي بِالْمُعْجَمَةِ - أَنْ يَكُونَ قُذِفَ فِي بَطْنِهَا حُبُّهُ، وَالشَّعَفُ يَعْنِي بِالْمُهْمَلَةِ أَنْ يَكُونَ مَشْعُوفًا بِهَا. وَحَكَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ الشَّعَفَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْبُغْضُ وَبِالْمُعْجَمَةِ الْحُبُّ، وَغَلَّطَهُ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ: إِنَّ الشَّعَفَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى عُمُومِ الْحُبِّ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَجْهَلَهُ ذُو عِلْمٍ بِكَلَامِهِمْ.
قَوْلُهُ: (أَصْبُ إِلَيْهِنَّ أَمِيلُ إِلَيْهِنَّ حُبًّا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ﴾ أَيْ أَهْوَاهُنَّ وَأَمِيلُ إِلَيْهِنَّ، قَالَ الشَّاعِرُ:
إِلَى هِنْدٍ صَبَا قَلْبِي … وَهِنْدٌ مِثْلُهَا يُصْبَى
أَيْ يُمَالُ.
قَوْلُهُ: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلامٍ﴾ مَا لَا تَأْوِيلَ لَهُ، الضِّغْثُ مِلْءُ الْيَدِ مِنْ حَشِيشٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَمِنْهُ ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا﴾ لَا مِنْ قَوْلِهِ ﴿أَضْغَاثُ أَحْلامٍ﴾ وَاحِدُهَا ضِغْثٌ) كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ، وَتَوْجِيهُهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ ضِغْثًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا﴾ بِمَعْنَى مِلْءُ الْكَفِّ مِنَ الْحَشِيشِ لَا بِمَعْنَى مَا لَا تَأْوِيلَ لَهُ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ﴾ وَاحِدُهَا ضِغْثٌ بِالْكَسْرِ وَهِيَ مَا لَا تَأْوِيلَ لَهُ مِنَ الرُّؤْيَا، وَأَرَاهُ جَمَاعَاتٌ تُجْمَعُ مِنَ الرُّؤْيَا كَمَا يُجْمَعُ الْحَشِيشُ فَيَقُولُ ضِغْثٌ أَيْ مِلْءُ كَفٍّ مِنْهُ، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ﴾ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلامٍ﴾ قَالَ: أَخْلَاطُ أَحْلَامٍ، وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلامٍ﴾ قَالَ: هِيَ الْأَحْلَامُ الْكَاذِبَةُ.
قَوْلُهُ: (نَمِيرُ مِنَ الْمِيرَةِ، وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَنَمِيرُ أَهْلَنَا﴾ مِنْ مِرْتُ تَمِيرُ مَيْرًا وَهِيَ الْمِيرَةُ نَأْتِيهِمْ وَنَشْتَرِي لَهُمُ الطَّعَامَ، وَقَوْلُهُ: ﴿كَيْلَ بَعِيرٍ﴾ أَيْ حِمْلَ بَعِيرٍ يُكَالُ لَهُ مَا حَمَلَ بَعِيرُهُ. وَرَوَى الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: ﴿كَيْلَ بَعِيرٍ﴾ أَيْ كَيْلَ حِمَارٍ، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي كِتَابِ لَيْسَ: هَذَا حَرْفٌ نَادِرٌ، ذَكَرَ مُقَاتِلٌ عَنِ الزَّبُورِ الْبَعِيرِ كُلِّ مَا يَحْمِلُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا مِنْ أَرْضِ كَنْعَانَ وَلَيْسَ بِهَا إِبِلٌ. كَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute