للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هَيْتَ بِالْحَوْرَانِيَّةِ هَلُمَّ، وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: تَعَالَهْ) أَمَّا قَوْلُ عِكْرِمَةَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِهِ، وَأَخْرَجَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ هُيِّئْتُ لَكَ يَعْنِي بِضَمِّ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا أُخْرَى مَهْمُوزَةٌ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ يَعْنِي هَلُمَّ لَكَ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: مَعْنَاهَا تَهَيَّأْتُ لَكَ. وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: يَقُولُ بَعْضُهُمْ هَلُمَّ لَكَ. وَأَمَّا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾ أَيْ هَلُمَّ، وَأَنْشَدَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ:

إِنَّ الْعِرَاقَ وَأَهْلَهُ … عُنُقٌ إِلَيْكَ فَهِيتَ هِيتًا

قَالَ وَلَفْظُ هَيْتَ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ مِنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ، إِلَّا أَنَّ الْعَدَدَ فِيمَا بَعْدُ، تَقُولُ هَيْتَ لَكَ وَهَيْتَ لَكُمَا. قَالَ وَشَهِدْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَمَّنْ قَرَأَ هِئْتُ لَكَ أَيْ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مَهْمُوزًا. فَقَالَ: بَاطِلٌ، لَا يَعْرِفُ هَذَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ، انْتَهَى. وَقَدْ أَثْبَتَ ذَلِكَ الْفَرَّاءُ، وَسَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ النَّقْلِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (عَنْ سُلَيْمَانَ) هُوَ الْأَعْمَشُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾ وَقَالَ: إِنَّمَا نَقْرَؤُهَا كَمَا عُلِّمْنَاهَا) هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظٍ: إِنِّي سَمِعْتُ الْفَرَّاءَ فَسَمِعَتهُمْ مُتَقَارِبَيْنِ، فَاقْرَءُوا كَمَا عَلِمْتُمْ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعُ وَالِاخْتِلَافُ، فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ: هَلُمَّ وَتَعَالَ، ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾ فَقُلْتُ: إِنَّ نَاسًا يَقْرَءُونَهَا (هِيتَ لَكَ) قَالَ: لَا، لَأَنْ أَقْرَأَهَا كَمَا عَلِمْتُ أَحَبُّ إِلَيَّ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ، وَزَائِدَةٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَهَا (هَيْتَ لَكَ بِالْفَتْحِ)، وَمِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ. بِإِسْنَادِهِ لَكِنْ قَالَ بِالضَّمِّ، وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَرَأَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِالْفَتْحِ، قُلْتُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يَقْرَءُونَهَا بِالضَّمِّ فَذَكَرَهُ. وَهَذَا أَقْوَى.

قُلْتُ: وَقِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَبِالضَّمِّ وَبِالْفَتْحِ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ، لَكِنْ بِالْهَمْزِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إِنْكَارُ أَبِي عَمْرٍو ذَلِكَ، لَكِنْ ثَبَتَ مَا أَنْكَرَهُ فِي قِرَاءَةِ هِشَامٍ فِي السَّبْعَةِ، وَجَاءَ عَنْهُ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ أَيْضًا، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَبِالضَّمِّ، وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ ذِكْوَانَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ آخِرِهِ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِهِمَا، وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ آخِرِهِ وَهِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَالْحَسَنِ، وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ أَحَدُ مَشَايِخِ النَّحْوِ بِالْبَصْرَةِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ آخِرِهِ، وَحَكَى النَّحَّاسُ أَنَّهُ قَرَأَ بِكَسْرِهِمَا. وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهَا بِالْحَوْرَانِيَّةِ فَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ الْكِسَائِيُّ، وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَنِ السُّدِّيِّ أَنَّهَا لُغَةٌ قِبْطِيَّةٌ مَعْنَاهَا هَلُمَّ لَكَ، وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهَا بِالسُّرْيَانِيَّةِ كَذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ هِيَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَأَصْلُهَا هت لج أَيْ تَعَالَهْ فَعُرِّبَتْ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ هِيَ عَرَبِيَّةٌ مَعْنَاهَا الْحَثُّ عَلَى الْإِقْبَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (مَثْوَاهُ مَقَامُهُ) ثَبَتَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾ أَيْ مَقَامَهُ الَّذِي ثَوَّاهُ، وَيُقَالُ لِمَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّخْصُ ضَيْفًا: أَبُو مَثْوَاهُ.

قَوْلُهُ: ﴿وَأَلْفَيَا﴾ وَجَدَا أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ وَأَلْفَى) (١) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ أَيْ وَجَدَاهُ، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ﴾ أَيْ


(١) الذي في المتن "وألفينا".