الْأَرْضُ، يُقَالُ جَفَا الْوَادِي وَأَجْفَى فِي مَعْنَى نَشَفَ، وَقَرَأَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ فَيَذْهَبُ جُفَالًا بِاللَّامِ بَدَلَ الْهَمْزَةِ وَهِيَ مِنْ أَجَفَلَتِ الرِّيحُ الْغَيْمَ إِذَا قَطَعَتْهُ.
قَوْلُهُ: (الْمِهَادُ الْفِرَاشُ) ثَبَتَ هَذَا لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (يَدْرَءُونَ يَدْفَعُونَ دَرَأْتُهُ عَنِّي دَفَعْتُهُ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (الْأَغْلَالُ وَاحِدُهَا غَلٌّ، وَلَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْأَعْنَاقِ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ أَيْ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ﴾ قَالَ: مَجَازُهُ مَجَازُ الْمُخْتَصَرِ الَّذِي فِيهِ ضَمِيرٌ، تَقْدِيرُهُ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: حُذِفَتْ يَقُولُونَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ، كَمَا حُذِفَتْ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ وَالْأَوْلَى أَنَّ الْمَحْذُوفَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَدْخُلُونَ، أَيْ يَدْخُلُونَ قَائِلِينَ. وَقَوْلُهُ: ﴿بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ يَتَعَلَّقُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عَلَيْكُمْ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ بِسَبَبِ صَبْرِكُمْ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَتَابُ إِلَيْهِ تَوْبَتِي) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْمَتَابُ مَصْدَرٌ تُبْتُ إِلَيْهِ وَتَوْبَتِي، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾ قَالَ: تَوْبَتِي.
قَوْلُهُ: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ أَفَلَمْ يَتَبَيَّنْ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أَيْ أَفَلَمْ يَعْلَمُ وَيَتَبَيَّنُ قَالَ سُحَيْمُ الْيَرْبُوعِيُّ:
"أَلَمْ تَيْأَسُوا أَنِّي ابْنُ فَارِسٍ زَهْدَمٍ " أَيْ لَمْ تُبَيِّنُوا.
وَقَالَ آخَرُ:
أَلَمْ يَيْأَسِ الْأَقْوَامُ أَنِّي أَنَا ابْنُهُ … وَإِنْ كُنْتُ عَنْ أَرْضِ الْعَشِيرَةِ نَائِيًا
وَنَقَلَ الطَّبَرِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّهَا لُغَةُ هَوَازِنٍ تَقُولُ: يَئِسْتُ كَذَا أَيْ عَلِمْتُهُ، قَالَ: وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ - يَعْنِي الْفَرَّاءُ - لَكِنَّهُ سَلَّمَ أَنَّهُ هُنَا بِمَعْنَى عَلِمْتُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا، وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ، وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ الْيَأْسَ إِنَّمَا اسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، لِأَنَّ الْآيِسَ عَنِ الشَّيْءِ عَالِمٌ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمَا ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ أَيْ أَفَلَمْ يَعْلَمْ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كُلِّهِمْ مِنْ رِجَالِ الْبُخَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا أَفَلَمْ يَتَبَيَّنْ وَيَقُولُ: كَتَبَهَا الْكَاتِبُ وَهُوَ نَاعِسٌ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: زَعَمَ ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا الْقِرَاءَةُ الْأُولَى، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ جَاءَتْ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَابْنِ مُلَيْكَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ بَدِيمَةَ، وَشَهْرِ بْنِ حَوْشَبِ بْنِ الْحُسَيْنِ وَابْنِهِ زَيْدٍ وَحَفِيدِهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي آخِرِ مَنْ قَرَءُوا كُلُّهُمْ أَفَلَمْ يَتَبَيَّنْ وَأَمَّا مَا أَسْنَدَهُ الطَّبَرِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدِ اشْتَدَّ إِنْكَارُ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالرِّجَالِ صِحَّتِهِ، وَبَالَغَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي ذَلِكَ كَعَادَتِهِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَهِيَ وَاللَّهِ فِرْيَةٌ مَا فِيهَا مِرْيَةٌ. وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ بَعْدَهُ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. وَقَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ﴾ قَالَ وَوَصَّى الْتَزَقَتِ الْوَاوُ فِي الصَّادِ، أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْهُ.
وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا الْمُعْتَمَدُ، لَكِنْ تَكْذِيبُ الْمَنْقُولِ بَعْدَ صِحَّتِهِ لَيْسَ مِنْ دَأْبِ أَهْلِ التَّحْصِيلِ، فَلْيُنْظَرْ فِي تَأْوِيلِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ.
قَوْلُهُ: ﴿قَارِعَةٌ﴾ دَاهِيَةٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ أَيْ دَاهِيَةٌ مُهْلِكَةٌ. تَقُولُ قَرَعْتُ عَظْمَهُ أَيْ صَدَعْتُهُ، وَفَسَّرَهُ غَيْرُهُ بِأَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ: فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ﴾ قَالَ سَرِيَّةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ قَالَ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ فَتْحُ مَكَّةَ، وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ نَحْوَهُ.
قَوْلُهُ: ﴿فَأَمْلَيْتُ﴾ أَطَلْتُ، مِنَ الْمَلِيِّ وَالْمِلَاوَةِ. وَمِنْهُ مَلِيًّا، وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الْأَرْضِ مَلًى) كَذَا فِيهِ، وَالَّذِي قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أَيْ أَطَلْتُ لَهُمْ، وَمِنْهُ الْمَلِيُّ وَالْمِلَاوَةُ مِنَ الدَّهْرِ، وَيُقَالُ لِلَّيْلِ وَالنَّهَارِ الْمَلَوَانِ لِطُولِهِمَا، وَيُقَالُ لِلْخِرَقِ الْوَاسِعِ مِنَ الْأَرْضِ مَلًى، قَالَ الشَّاعِرُ:
مَلًى لَا تَخَطَّاهُ