للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْأُولَى نِسْيَانًا، وَالْوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا. قَالَ: ﴿لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي﴾ عُسْرًا. لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ. قَالَ يَعْلَى: قَالَ سَعِيدٌ: وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ، فَأَخَذَ غُلَامًا كَافِرًا ظَرِيفًا فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ. قَالَ: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ لَمْ تَعْمَلْ بِالْحِنْثِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا زَكِيَّةً زَاكِيَةً مُسْلِمَةً، كَقَوْلِكَ غُلَامًا زَكِيًّا، فَانْطَلَقَا، فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، فَأَقَامَهُ، قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَرَفَعَ يَدَهُ فَاسْتَقَامَ، قَالَ يَعْلَى: حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ: فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ، فَاسْتَقَامَ. ﴿لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ قَالَ سَعِيدٌ: أَجْرًا نَأْكُلُهُ، ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ﴾ وَكَانَ أَمَامَهُمْ - قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ - مَلِكٌ يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَدَ، وَالْغُلَامُ الْمَقْتُولُ اسْمُهُ يَزْعُمُونَ حيْسُورٌ. ﴿مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ فَأَرَدْتُ إِذَا هِيَ مَرَّتْ بِهِ أَنْ يَدَعَهَا لِعَيْبِهَا، فَإِذَا جَاوَزُوا أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِالْقَارِ.

كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ وَكَانَ كَافِرًا، ﴿فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ، ﴿فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ لِقَوْلِهِ: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾، ﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ هُمَا بِهِ أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِ الَّذِي قَتَلَ خَضِرٌ، وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ أَنَّهُمَا أُبْدِلَا جَارِيَةً، وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فَقَالَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: إِنَّهَا جَارِيَةٌ. قَوْلُهُ (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ (فَلَمَّا بَلَغَ مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا) وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلتِّلَاوَةِ.

قَوْلُهُ: ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ﴾ سَرَبًا: مَذْهَبًا، يَسْرَبُ يَسْلُكُ. وَمِنْهُ: ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ أَيْ مَسْلَكًا وَمَذْهَبًا يَسْرَبُ فِيهِ، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى ﴿وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ وَقَالَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: (وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ): سَالِكٌ فِي سَرَبِهِ أَيْ مَذْهَبِهِ، وَمِنْهُ أَصْبَحَ فُلَانٌ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، وَمِنْهُ انْسَرَبَ فُلَانٌ إِذَا مَضَى.

قَوْلُهُ: (يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ) يُسْتَفَادُ بَيَانُ زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مِنَ الْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَقَطْ وَهُوَ أَحَدُ شَيْخَيِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ) أَيْ يُحَدِّثُ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ، وَعَدَّاهُ بِغَيْرِ الْبَاءِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يُحَدِّثُ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ، وَقَدْ عَيَّنَ ابْنُ جُرَيْجٍ بَعْضَ مَنْ أَبْهَمَهُ كَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَرَوَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِنْ مَشَايِخِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُرْمُزَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَمِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِمَا، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَرِوَايَتُهُ فِي السِّيرَةِ الْكُبْرَى لِابْنِ إِسْحَاقَ، وَسَأَذْكُرُ بَيَانَ مَا فِي رِوَايَاتِهِمْ مِنْ فَائِدَةٍ.

قَوْلُهُ: (إِذْ قَالَ: سَلُونِي) فِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الْعَالِمِ ذَلِكَ، وَمَحَلُّهُ إِذَا أُمِنَ الْعُجْبُ أَوْ دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ كَخَشْيَةِ نِسْيَانِ الْعِلْمِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ أَبَا عَبَّاسٍ) هِيَ كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَوْلُهُ: (جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ) فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَجَازَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ.

قَوْلُهُ: (إِنَّ بِالْكُوفَةِ رَجُلًا قَاصًّا) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ قَاصٌّ بِحَذْفِ إِنَّ مِنْ أَوَّلِهِ، وَالْقَاصُّ بِتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ الَّذِي يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ الْأَخْبَارَ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ لَهُ نَوْفٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ