للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَعْدَهَا فَاءٌ، وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ إنَّ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَفَّفًا وَبَعْدَ الْأَلِفِ لَامٌ، وَوَقَعَ عِنْدَ بَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ، وَاسْمُ أَبِيهِ فَضَالَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي بِكَالِ بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفٍ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ، وَيُقَالُ إِنَّهُ ابْنُ امْرَأَةِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَقِيلَ ابْنُ أَخِيهِ وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَدُوقٌ. وَفِي التَّابِعِينَ جَبْرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ ابْنُ نَوْفِ الْبَكِيلِيُّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ مُخَفَّفًا بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ بَعْدَهَا لَامٌ مَنْسُوبٌ إِلَى بَكِيلِ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ، وَيُكَنَّى أَبَا الْوَدَّاكِ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَلَدُ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ فَقَدْ وَهِمَ.

قَوْلُهُ: (يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ) فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، إِنَّ نَوْفًا يَزْعُمُ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّ مُوسَى الَّذِي طَلَبَ الْعِلْمَ إِنَّمَا هُوَ مُوسَى بْنُ مِيشَا أَيِ ابْنُ أَفْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ Object، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْهُ يَا سَعِيدُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: كَذَبَ نَوْفٌ وَلَيْسَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ تَعَارُضٌ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ سَعِيدًا أَبْهَمَ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ، لَا أَهْلُ الْكِتَابِ، وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ بَدَلَ قَوْلِهِ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَعِنْدَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مُتَّكِئًا فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ: أَكَذَاكَ يَا سَعِيدُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ أَنَا سَمِعْتُهُ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأِ: كَانَ مُوسَى بْنُ مِيشَا قَبْلَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ نَبِيًّا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَيَزْعُمُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُ الَّذِي صَحِبَ الْخَضِرَ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا عَمْرٌو) ابْنُ دِينَارٍ (قَالَ لِي: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ) أَرَادَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ دُونَ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ سُفْيَانَ رَوَاهَا أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ كَمَا مَضَى، وَسَقَطَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ. وَقَوْلُهُ: كَذَبَ، وَقَوْلُهُ: عَدُوُّ اللَّهِ مَحْمُولَانِ عَلَى إِرَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ وَالتَّنْفِيرِ عَنْ تَصْدِيقِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ، وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَارَتْ أَوَّلًا بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ الْفَزَارِيِّ وَسَأَلَا عَنْ ذَلِكَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، لَكِنْ لَمْ يُفْصِحْ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ بِبَيَانِ مَا تَنَازَعَا فِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ Object فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ Object.

قَوْلُهُ: (قَالَ: ذَكَّرَ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْكَافِ أَيْ وَعَظَهُمْ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ (فَذَكَّرَهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ). وَأَيَّامُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ، وَآلَاءُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَبَلَاؤُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا فَاضَتِ الْعُيُونُ وَرَقَّتِ الْقُلُوبُ) يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا الْقَدرَ مِنْ زِيَادَةِ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِيهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْوَاعِظَ إِذَا أَثَّرَ وَعْظُهُ فِي السَّامِعِينَ فَخَشَعُوا وَبَكَوْا يَنْبَغِي أَنْ يُخَفِّفَ لِئَلَّا يَمَلُّوا.

قَوْلُهُ: (فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ السُّؤَالَ عَنْ ذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنَ الْخُطْبَةِ وَتَوَجَّهَ، وَرِوَايَةُ سُفْيَانَ تُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي الْخُطْبَةِ، لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، فَإِنَّ لَفْظَةَ قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ فَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّ فِيهِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ: قَامَ خَطِيبًا فَخَطَبَ فَفَرَغَ فَتَوَجَّهَ فَسُئِلَ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ وَمُوسَى بَعْدُ لَمْ يُفَارِقِ الْمَجْلِسَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي مُنَازَعَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَأِ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (هَلْ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ؟ قَالَ: لَا) فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا وَبَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَرْقٌ،