للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَا عَوْفُ وَيْحَكَ هَلْ لَا قُلْتَ عَارِفَةً … مِنَ الْكَلَامِ وَلَمْ تَبْتَغِ بِهِ طَمَعًا

وَكَانَ هُوَ وَأُمُّهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، وَكَانَ أَبُوهُ مَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَكَفَلَهُ أَبُو بَكْرٍ لِقَرَابَةِ أُمِّ مِسْطَحٍ مِنْهُ، وَكَانَتْ وَفَاةُ مِسْطَحٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ. بَعْدَ أَنْ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ.

قَوْلُهُ: (فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنَنَا فَعَثَرَتْ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ (أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفِي رِوَايَةِ مِقْسَمٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا وَطِئَتْ عَلَى عَظْمٍ أَوْ شَوْكَةٍ، وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهَا عَثَرَتْ بَعْدَ أَنْ قَضَتْ عَائِشَةُ حَاجَتَهَا ثُمَّ أَخْبَرَتْهَا الْخَبَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ الْآتِيَةِ قَرِيبًا أَنَّهَا عَثَرَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَ عَائِشَةُ حَاجَتَهَا، وَأَنَّهَا لَمَّا أَخْبَرَتْهَا الْخَبَرَ رَجَعَتْ كَأَنَّ الَّذِي خَرَجَتْ لَهُ لَا تَجِدُ مِنْهُ لَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا قَدَرْتُ أَنْ أَقْضِيَ حَاجَتِي، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أُوَيْسٍ: فَذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ مِنَ الْغَائِطِ، وَرَجَعْتُ عَوْدِي عَلَى بَدْئِي، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: فَأَخَذَتْنِي الْحُمَّى وَتَقَلَّصَ مَا كَانَ مِنِّي، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا: وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا أَيْ مِنْ شَأْنِ الْمَسِيرِ، لَا قَضَاءَ الْحَاجَةِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا بَعْدَهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ، أَيْ: كُبَّ لِوَجْهِهِ أَوْ هَلَكَ وَلَزِمَهُ الشَّرُّ أَوْ بَعُدَ، أَقْوَالٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهَا أَيْضًا فِي الْجِهَادِ.

قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا) فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهَا عَثَرَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ تَقُولُ: تَعِسَ مِسْطَحُ، وَأَنَّ عَائِشَةَ تَقُولُ لَهَا: أَيْ أُمَّ أَتَسُبِّينَ ابْنَكِ وَأَنَّهَا انْتَهَرَتْهَا فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلَّا فِيكِ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: فَقُلْتُ: أَتَسُبِّينَ ابْنَكِ وَهُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ؟ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ: فَقُلْتُ: أَتَقُولِينَ هَذَا لِابْنِكِ وَهُوَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ ؟ فَفَعَلَتْ مَرَّتَيْنِ، فَأَعَدْتُ عَلَيْهَا فَحَدَّثَتْنِي بِالْخَبَرِ، فَذَهَبَ عَنِّي الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ حَتَّى مَا أَجِدُ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ أُمِّ مِسْطَحٍ هَذَا عَمْدًا لِتَتَوَصَّلَ إِلَى إِخْبَارِ عَائِشَةَ بِمَا قِيلَ فِيهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اتِّفَاقًا أَجْرَاهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهَا لِتَسْتَيْقِظَ عَائِشَةُ مِنْ غَفْلَتِهَا عَمَّا قِيلَ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (قَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ) أَيْ حَرْفُ نِدَاءٍ لِلْبَعِيدِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ لِلْقَرِيبِ حَيْثُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبَعِيدِ، وَالنُّكْتَةُ فِيهِ هُنَا أَنَّ أُمَّ مِسْطَحٍ نَسَبَتْ عَائِشَةَ إِلَى الْغَفْلَةِ عَمَّا قِيلَ فِيهَا لِإِنْكَارِهَا سَبَّ مِسْطَحٍ فَخَاطَبَتْهَا خِطَابَ الْبَعِيدِ، وَهَنْتَاهْ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ - النُّونِ وَقَدْ تُفْتَحُ - بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ وَآخِرُهُ هَاءٌ سَاكِنَةٌ - وَقَدْ تُضَمُّ - أَيْ هَذِهِ، وَقِيلَ امْرَأَةٌ وَقِيلَ بُلْهَى، كَأَنَّهَا نَسَبَتْهَا إِلَى قِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ بِمَكَائِدِ النَّاسِ. وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ تَخْتَصُّ بِالنِّدَاءِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ نَكِرَةٍ، وَإِذَا خُوطِبَ الْمُذَكَّرُ قِيلَ: يَا هَنَةُ، وَقَدْ تُشْبَعُ النُّونُ فَيُقَالُ: يَا هَنَاهُ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ تَشْدِيدُ النُّونِ فِيهِ وَأَنْكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (قَالَتْ: قُلْتُ: وَمَا قَالَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ: فَقَالَتْ لَهَا: إِنَّكِ لَغَافِلَةٌ عَمَّا يَقُولُ النَّاسُ، وَفِيهَا: أَنَّ مِسْطَحًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَتَحَدَّثُونَ عَنْكِ وَعَنْ صَفْوَانَ يَرْمُونَكِ بِهِ، وَفِي رِوَايَةِ مِقْسَمٍ عَنْ عَائِشَةَ: أَشْهَدُ أَنَّكِ مِنَ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ الْآتِيَةِ: فَنَقَّرَتْ لِي الْحَدِيثَ وَهِيَ بِنُونٍ وَقَافٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ شَرَحَتْهُ، وَلِبَعْضِهِمْ بِمُوَحَّدَةٍ وَقَافٍ خَفِيفَةٍ أَيْ أَعْلَمَتْنِيهِ.

قَوْلُهُ: (فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي) عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ مُرْسَلِ أَبِي صَالِحٍ: فَقَالَتْ: وَمَا تَدْرِينَ مَا قَالَ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، فَأَخْبَرَتْهَا بِمَا خَاضَ فِيهِ النَّاسُ، فَأَخَذَتْهَا الْحُمَّى. وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا بَلَغَنِي مَا تَكَلَّمُوا بِهِ هَمَمْتُ أَنْ آتِيَ قَلِيبًا فَأَطْرَحَ نَفْسِي فِيهِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَدَخَلَ قِيلَ: الْفَاءُ زَائِدَةٌ، وَالْأَوْلَى أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ: فَلَمَّا دَخَلْتُ بَيْتِي اسْتَقْرَيْتُ فِيهِ فَدَخَلَ.

قَوْلُهُ: