للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أُبَيٍّ وَهُوَ الَّذِي يَسْتَوْشِيهِ وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ هُوَ وَحَمْنَةُ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَمِسْطَحٌ وَحَمْنَةُ وَحَسَّانُ، وَكَانَ كِبْرُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَعِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ أَقَامَ حَدَّ الْقَذْفِ عَلَى الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِالْإِفْكِ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْهَدْيِ فَأَبْدَى الْحِكْمَةَ فِي تَرْكِ الْحَدِّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَفَاتَهُ أَنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ ذُكِرَ أَيْضًا فِيمَنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدِّ، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ، وَعَنْ حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمَاوَرْدِيِّ؛ حَيْثُ صَحَّحَ أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّهُمْ مُسْتَنِدًا إِلَى أَنَّ الْحَدَّ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ، ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ: إِنَّهُ حَدَّهُمْ. وَمَا ضَعَّفَهُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ: جَوَازُ الْحَدِيثِ عَنْ جَمَاعَةٍ مُلَفَّقًا مُجْمَلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ.

وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْقُرْعَةُ حَتَّى بَيْنَ النِّسَاءِ وَفِي الْمُسَافَرَةِ بِهِنَّ وَالسَّفَرُ بِالنِّسَاءِ حَتَّى فِي الْغَزْوِ، وَجَوَازُ حِكَايَةِ مَا وَقَعَ لِلْمَرْءِ مِنَ الْفَضْلِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَدْحُ نَاسٍ وَذَمُّ نَاسٍ إِذَا تَضَمَّنَ بِذَلِكَ إِزَالَةَ تَوَهُّمِ النَّقْصِ عَنِ الْحَاكِي إِذَا كَانَ بَرِيئًا عِنْدَ قَصْدِ نُصْحِ مَنْ يَبْلُغُهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَقَعَ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ سَبْقٍ، وَأَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِالسَّلَامَةِ مِنْ وُقُوعِ الْغَيْرِ فِي الْإِثْمِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ يَقَعُ فِي الْإِثْمِ وَتَحْصِيلُ الْأَجْرِ لِلْمَوْقُوعِ فِيهِ. وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ التَّوْطِئَةِ فِيمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ، وَأَنَّ الْهَوْدَجَ يَقُومُ مَقَامَ الْبَيْتِ فِي حَجْبِ الْمَرْأَةِ، وَجَوَازُ رُكُوبِ الْمَرْأَةِ الْهَوْدَجَ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ؛ حَيْثُ يَكُونُ مُطِيقًا لِذَلِكَ، وَفِيهِ خِدْمَةُ الْأَجَانِبِ لِلْمَرْأَةِ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، وَجَوَازُ تَسَتُّرُ الْمَرْأَةِ بِالشَّيْءِ الْمُنْفَصِلِ عَنِ الْبَدَنِ، وَتَوَجُّهُ الْمَرْأَةِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا وَحْدَهَا وَبِغَيْرِ إِذْنٍ خَاصٍّ مِنْ زَوْجِهَا بَلِ اعْتِمَادًا عَلَى الْإِذْنِ الْعَامِّ الْمُسْتَنِدِ إِلَى الْعُرْفِ الْعَامِّ، وَجَوَازُ تَحَلِّي الْمَرْأَةِ فِي السَّفَرِ بِالْقِلَادَةِ وَنَحْوِهَا، وَصِيَانَةُ الْمَالِ وَلَوْ قَلَّ لِلنَّهْيِ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ، فَإِنَّ عِقْدَ عَائِشَةَ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا جَوْهَرٍ، وَفِيهِ شُؤْمُ الْحِرْصِ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُطِلْ فِي التَّفْتِيشِ لَرَجَعَتْ بِسُرْعَةٍ، فَلَمَّا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ أَثَّرَ مَا جَرَى.

وَقَرِيبٌ مِنْهُ قِصَّةُ الْمُتَخَاصِمَيْنِ؛ حَيْثُ رُفِعَ عِلْمُ لَيْلَةِ الْقَدرِ بِسَبَبِهِمَا؛ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَقْتَصِرَا عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، بَلْ زَادَا فِي الْخِصَامِ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَأَثَّرَ ذَلِكَ بِالرَّفْعِ الْمَذْكُورِ، وَتَوَقُّفُ رَحِيلِ الْعَسْكَرِ عَلَى إِذْنِ الْأَمِيرِ، وَاسْتِعْمَالِ بَعْضِ الْجَيْشِ سَاقَةً يَكُونُ أَمِينًا لِيَحْمِلَ الضَّعِيفَ وَيَحْفَظَ مَا يَسْقُطُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ، وَالِاسْتِرْجَاعُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَتَغْطِيَةِ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا عَنْ نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِطْلَاقِ الظَّنِّ عَلَى الْعِلْمِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ قَدَّمْتُهُ.

وَإِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَعَوْنِ الْمُنْقَطِعِ، وَإِنْقَاذِ الضَّائِعِ، وَإِكْرَامِ ذَوِي الْقَدرِ، وَإِيثَارِهِمْ بِالرُّكُوبِ وَتَجَشُّمُ الْمَشَقَّةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَحُسْنِ الْأَدَبِ مَعَ الْأَجَانِبِ خُصُوصًا النِّسَاءَ لَا سِيَّمَا فِي الْخَلْوَةِ، وَالْمَشْيِ أَمَامَ الْمَرْأَةِ لِيَسْتَقِرَّ خَاطِرُهَا وَتَأْمَنَ مِمَّا يُتَوَهَّمُ مِنْ نَظَرِهِ لِمَا عَسَاهُ يَنْكَشِفُ مِنْهَا فِي حَرَكَةِ الْمَشْيِ، وَفِيهِ مُلَاطَفَةُ الزَّوْجَةِ وَحُسْنُ مُعَاشَرَتِهَا وَالتَّقْصِيرُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ إِشَاعَةِ مَا يَقْتَضِي النَّقْصَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنْ تَتَفَطَّنَ لِتَغْيِيرِ الْحَالِ فَتَعْتَذِرُ أَوْ تَعْتَرِفُ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْمَرِيضِ أَنْ يُعْلِمُوهُ بِمَا يُؤْذِي بَاطِنَهُ؛ لِئَلَّا يَزِيدُ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ، وَفِيهِ السُّؤَالُ عَنِ الْمَرِيضِ وَإِشَارَةً إِلَى مَرَاتِبِ الْهِجْرَانِ بِالْكَلَامِ وَالْمُلَاطَفَةِ، فَإِذَا كَانَ السَّبَبُ مُحَقَّقًا فَيُتْرَكُ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ مَظْنُونًا فَيُخَفَّفُ، وَإِنْ كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ أَوْ مُحْتَمَلًا فَيَحْسُنُ التَّقْلِيلُ مِنْهُ لَا لِلْعَمَلِ بِمَا قِيلَ بَلْ لِئَلَّا يُظَنُّ بِصَاحِبِهِ عَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِمَا قِيلَ فِي حَقِّهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ. وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ تَسْتَصْحِبُ مَنْ يُؤْنِسُهَا أَوْ يَخْدِمُهَا مِمَّنْ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا. وَفِيهِ ذَبُّ الْمُسْلِمُ عَنِ الْمُسْلِمِ خُصُوصًا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ، وَرَدْعِ مَنْ يُؤْذِيهِمْ وَلَوْ كَانَ مِنْهُمْ بِسَبِيلٍ، وَبَيَانُ مَزِيدِ