للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الظَّرْفِ هَاهُنَا، وَلَوْ كَانَ وَصْفًا لِلسَّاعَةِ لَكَانَ قَرِيبَةٌ وَإِذَا كَانَتْ ظَرْفًا فَإِنَّ لَفْظَهَا فِي الْوَاحِدِ وَفِي الِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ مِنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَاحِدٌ بِغَيْرِ هَاءٍ وَبِغَيْرِ جَمْعٍ وَبِغَيْرِ تَثْنِيَةٍ، وَجَوَّزَ غَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسَّاعَةِ الْيَوْمَ فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ أَوِ الْمُرَادُ شَيْئًا قَرِيبًا أَوْ زَمَانًا قَرِيبًا أَوِ التَّقْدِيرُ قِيَامُ السَّاعَةِ فَحُذِفَ قِيَامُ وَرُوعِيَتِ السَّاعَةُ فِي تَأْنِيثِ تَكُونُ وَرُوعِيَ الْمُضَافُ الْمَحْذُوفُ فِي تَذْكِيرِ قَرِيبًا وَقِيلَ قَرِيبًا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ اسْتِعْمَالَ الظُّرُوفِ فَهُوَ ظَرْفٌ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ:

أَحَدُهَا حَدِيثُ أَنَسٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْحِجَابِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي أَوَائِلِ الصَلَاةِ وَفِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ.

ثَانِيهَا: حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ بِنَاءِ النَّبِيِّ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَنُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ، أَوْرَدَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ طُرُقٍ عَنْ أَنَسٍ بَعْضُهَا أَتَمُّ مِنْ بَعْضٍ، وَقَوْلُهُ: لَمَّا أُهْدِيَتْ أَيْ لَمَّا زَيَّنَتْهَا الْمَاشِطَةُ وَزُفَّتْ إِلَى النَّبِيِّ وَزَعَمَ الصَّغَانِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ هُدِيَتْ بِغَيْرِ أَلِفٍ، لَكِنَّ تَوَارُدَ النُّسَخِ عَلَى إِثْبَاتِهَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، وَلَا مَانِعَ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْهَدِيَّةِ فِي هَذَا اسْتِعَارَةً.

قَوْلُهُ: (لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ دَعَا الْقَوْمَ فَطَعِمُوا) فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِئْذَانِ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ وَكَانَ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، أَصْبَحَ بِهَا عَرُوسًا فَدَعَا الْقَوْمَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الْآيَةِ آيَةِ الْحِجَابِ. لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَنَعَ طَعَامًا وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ الدَّاعِي إِلَى الطَّعَامِ قَالَ: فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، قَالَ: فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا وَفِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ فَأَشْبَعَ الْمُسْلِمِينَ خُبْزًا وَلَحْمًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْجَعْدِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ فَدَخَلَ بِأَهْلِهِ، فَصَنَعَتْ لَهُ أُمُّ سَلِيمٍ حَيْسًا، فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: ادْعُ لِي فُلَانًا وَفُلَانًا، وَذَهَبْتُ فَدَعَوْتُهُمْ زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِشْبَاعِهِمْ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِوَايَةِ حُمَيْدٍ بِأَنَّهُ أَوْلَمَ عَلَيْهِ بِاللَّحْمِ وَالْخُبْزِ، وَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ سَلِيمٍ الْحَيْسَ.

وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ أَطْعَمَنَا عَلَيْهَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ حَتَّى امْتَدَّ النَّهَارُ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

قَوْلُهُ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا أَجِدُ أَحَدًا، قَالَ: فَارْفَعُوا طَعَامَكُمْ) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ فِيهِ قَالَ: وَزَيْنَبُ جَالِسَةٌ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ، قَالَ: وَكَانَتِ امْرَأَةٌ قَدْ أُعْطِيَتْ جَمَالًا، وَبَقِيَ فِي الْبَيْتِ ثَلَاثَةٌ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ) فِي رِوَايَةِ أَبِي قِلَابَةَ: فَجَعَلَ يَخْرُجُ ثُمَّ يَرْجِعُ وَهُمْ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا هُوَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ وَقَعَدَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ، وَفِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ: فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ رَأَى رَجُلَيْنِ وَوَافَقَهُ بَيَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَأَصْلُهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا، وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَا قَامَ وَخَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ كَانُوا ثَلَاثَةً وَفِي آخِرِ مَا رَجَعَ تَوَجَّهَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ فَصَارُوا اثْنَيْنِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَزْمِ ابْنِ التِّينِ بِأَنَّ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهْمٌ، وَجَوَّزَ الْكِرْمَانِيُّ أَنْ يَكُونَ التَّحْدِيثُ وَقَعَ مِنَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ فَقَطْ وَالثَّالِثُ كَانَ سَاكِتًا، فَمَنْ ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ لَحَظَ الْأَشْخَاصَ وَمَنْ ذَكَرَ الِاثْنَيْنِ لَحَظَ سَبَبَ الْعُقُودِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ.

قَوْلُهُ: (فَانْطَلَقْتُ فَجِئْتُ فَأَخْبَرَت النَّبِيُّ أَنَّهُمُ انْطَلَقُوا) هَكَذَا وَقَعَ الْجَزْمُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّهُ الَّذِي أَخْبَرَ النَّبِيَّ بِخُرُوجِهِمْ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْجَعْدِ الْمَذْكُورَةِ، وَاتَّفَقَتْ رِوَايَةُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَحُمَيْدٍ عَلَى