للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنَّ أَنَسًا كَانَ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ، وَلَفْظُ حُمَيْدٍ فَلَا أَدْرِي أنا أَخْبَرْتُهُ بِخُرُوجِهِمَا أَمْ أُخْبِرَ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ فَمَا أَدْرِي أَخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ أَيْ أُخْبِرَ بِالْوَحْيِ، وَهَذَا الشَّكُّ قَرِيبٌ مِنْ شَكِّ أَنَسٍ فِي تَسْمِيَةِ الرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَ الدُّعَاءَ بِالِاسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ أَنَسٍ جَزَمَ عَنْهُ بِأَنَّهُ الرَّجُلُ الْأَوَّلُ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا أَدْرِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَكَانِهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُهُ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ فَكَانَ يَشُكُّ فِيهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَجَزَمَ.

قَوْلُهُ: (فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ الْآيَةَ) زَادَ أَبُو قِلَابَةَ فِي رِوَايَتِهِ ﴿إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ فَضُرِبَ الْحِجَابُ. وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ دَاخِلَةً وَالْأُخْرَى خَارِجَةً أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسٍ فَلَمَّا أَرْخَى السِّتْرَ دُونِي ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي طَلْحَةَ فَقَالَ: إِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَيَنْزِلَنَّ فِيهِ قُرْآنٌ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ.

قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (فَخَرَجَ النَّبِيُّ فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ صَبِيحَةَ بِنَائِهِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ وَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُنَّ وَيَدْعُونَ لَهُ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُنَّ قُلْنَ لَهُ: كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ.

قَوْلُهُ: (فَتَقَرَّى) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي، أَيْ تَتَبَّعَ الْحُجُرَاتِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، يُقَالُ مِنْهُ قَرَيْتُ الْأَرْضَ إِذَا تَتَبَّعْتُهَا أَرْضًا بَعْدَ أَرْضٍ وَنَاسًا بَعْدَ نَاسٍ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ النَّبِيُّ شَدِيدَ الْحَيَاءِ فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ) فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ رَأَى رَجُلَيْنِ جَرَى بِهِمَا الْحَدِيثُ فَلَمَّا رَآهُمَا رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَانِ نَبِيَّ اللَّهِ رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ وَثَبَا مُسْرِعَيْنِ وَمُحَصِّلُ الْقِصَّةِ أَنَّ الَّذِينَ حَضَرُوا الْوَلِيمَةَ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، وَاسْتَحْيَا النَّبِيُّ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالْخُرُوجِ فَتَهَيَّأَ لِلْقِيَامِ لِيَفْطِنُوا لِمُرَادِهِ فَيَقُومُوا بِقِيَامِهِ، فَلَمَّا أَلْهَاهُمُ الْحَدِيثُ عَنْ ذَلِكَ قَامَ وَخَرَجَ فَخَرَجُوا بِخُرُوجِهِ، إِلَّا الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ لَمْ يَفْطِنُوا لِذَلِكَ لِشِدَّةِ شُغْلِ بَالِهِمْ بِمَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْحَدِيثِ، وَفِي غُضُونِ ذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ يُرِيدُ أَنْ يَقُومُوا مِنْ غَيْرِ مُوَاجَهَتِهِمْ بِالْأَمْرِ بِالْخُرُوجِ لِشِدَّةِ حَيَائِهِ فَيُطِيلُ الْغَيْبَةَ عَنْهُمْ بِالتَّشَاغُلِ بِالسَّلَامِ عَلَى نِسَائِهِ، وَهُمْ فِي شُغْلِ بَالِهِمْ، وَكَانَ أَحَدُهُمْ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ أَفَاقَ مِنْ غَفْلَتِهِ فَخَرَجَ وَبَقِيَ الِاثْنَانِ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ وَوَصَلَ النَّبِيُّ إِلَى مَنْزِلِهِ فَرَآهُمَا فَرَجَعَ فَرَأَيَاهُ لَمَّا رَجَعَ، فَحِينَئِذٍ فَطِنَا فَخَرَجَا، فَدَخَلَ النَّبِيُّ ، وَأُنْزِلَتِ الْآيَةُ، فَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنَسٍ خَادِمِهِ أَيْضًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ بِذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ): ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ قِيَامِ الْقَوْمِ. وَالْأُولَى وَغَيْرُهَا أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدُ، فَيُجْمَعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا نَزَلَتْ حَالَ قِيَامِهِمْ أَيْ أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَقَدْ قَامُوا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْجَعْدِ: فَرَجَعَ فَدَخَلَ الْبَيْتَ وَأَرْخَى السِّتْرَ وَإِنِّي لَفِي الْحُجْرَةِ وَهُوَ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿مِنَ الْحَقِّ﴾. وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَشْرُوعِيَّةُ الْحِجَابِ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ عِيَاضٌ: فَرْضُ الْحِجَابِ مِمَّا اخْتَصَصْنَ بِهِ فَهُوَ فُرِضَ عَلَيْهِنَّ بِلَا خِلَافٍ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ كَشْفُ ذَلِكَ فِي شَهَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا إِظْهَارُ شُخُوصِهِنَّ وَإِنْ كُنَّ مُسْتَتِرَاتٍ إِلَّا مَا دَعَتْ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ مِنْ بِرَازٍ. ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِمَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ حَفْصَةَ لَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ سَتَرَهَا النِّسَاءُ عَنْ أَنْ يُرَى شَخْصُهَا؛ وَأَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ جُعِلَتْ لَهَا الْقُبَّةُ فَوْقَ نَعْشِهَا لِيُسْتَرَ شَخْصُهَا. انْتَهَى. وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ دَلِيلٌ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ، وَقَدْ كُنَّ بَعْدَ النَّبِيِّ يَحْجُجْنَ وَيَطُفْنَ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَسْمَعُونَ مِنْهُنَّ الْحَدِيثَ وَهُنَّ مُسْتَتِرَاتِ الْأَبَدَانِ لَا الْأَشْخَاصِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ قَوْلُ ابْنُ جُرَيْجٍ، لِعَطَاءٍ لَمَّا ذَكَرَ لَهُ طَوَافَ عَائِشَةَ: أَقَبْلَ الْحِجَابُ أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: قَدْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ بَعْدَ