للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشَّامِ عَلَى ذَلِكَ الْعَسْكَرِ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ، وَكَانَ حُذَيْفَةُ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ غَزَا مَعَهُمْ، وَكَانَ هُوَ عَلَى أَهْلِ الْمَدَائِنِ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَعْمَالِ الْعِرَاقِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَرْجِ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: الْفَرْجُ: الثَّغْرُ. وَفِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ حُذَيْفَةَ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ يَغْزُو مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ قِبَلَ أَرْمِينِيَّةَ فِي غَزْوِهِمْ ذَلِكَ الْفَرْجَ مَعَ مَنِ اجْتَمَعَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ، وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ اجْتَمَعَ لِغَزْوِ أَذْرَبِيجَانَ وَأَرْمِينِيَّةَ أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ.

وَأَرْمِينِيَّةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عِنْدَ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ وَبِكَسْرِهَا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْجَوَالِيقِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ ثُمَّ النَّوَوِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: مَنْ ضَمَّهَا فَقَدْ غَلِطَ، وَبِسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، ثُمَّ نُونٌ مَكْسُورَةٌ، ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٌ مَفْتُوحَةٌ خَفِيفَةٌ وَقَدْ تُثَقَّلُ قَالَهُ يَاقُوتُ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا أَرْمَنِيٌّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ضَبَطَهَا الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ قُرْقُولٍ: بِالتَّخْفِيفِ لَا غَيْرَ، وَحَكَى ضَمَّ الْهَمْزَةِ وَغَلِطَ. وَإِنَّمَا الْمَضْمُومُ هَمْزَتُهَا أُرْمِيَّةُ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا أُرْمُوِيٌّ وَهِيَ بَلْدَةٌ أُخْرَى مِنْ بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ، وَأَمَّا أَرْمِينِيَّةُ فَهِيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ نَوَاحِي خِلَاطٍ. وَمَدَّ الْأَصِيلِيُّ، وَالْمُهَلَّبُ أَوَّلَهُ (١) وَزَادَ الْمُهَلَّبُ الدَّالَ وَكَسْرَ الرَّاءِ وَتَقْدِيمَ الْمُوَحَّدَةِ، تَشْتَمِلُ عَلَى بِلَادٍ كَثِيرَةٍ، وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّمَالِ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: هِيَ مِنْ جِهَةِ بِلَادِ الرُّومِ يُضْرَبُ بِحُسْنِهَا وَطِيبِ هَوَائِهَا وَكَثْرَةِ مَائِهَا وَشَجَرِهَا الْمَثَلُ.

وَقِيلَ: إِنَّهَا مِنْ بِنَاءِ أَرْمِينَ مِنْ وَلَدِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ، وَأَذْرَبِيجَانُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَقِيلَ: بِسُكُونِ الذَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، ثُمَّ جِيمٌ خَفِيفَةٌ وَآخِرُهُ نُونٌ، وَحَكَى ابْنُ مَكِّيٍّ كَسْرَ أَوَّلِهِ، وَضَبَطَهَا صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَنَقَلَهُ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ بِسُكُونِ الذَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَلَدٌ كَبِيرٌ مِنْ نَوَاحِي جِبَالِ الْعِرَاقِ غَرْبِيِّ (٢) وَهِيَ الْآنَ تِبْرِيزُ وَقَصَبَاتُهَا، وَهِيَ تَلِي أَرْمِينِيَّةَ مِنْ جِهَةِ غَرْبِيِّهَا، وَاتَّفَقَ غَزْوُهُمَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَاجْتَمَعَ فِي غَزْوَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَالَّذِي ذَكَرْتُهُ الْأَشْهَرُ فِي ضَبْطِهَا، وَقَدْ تُمَدُّ الْهَمْزَةُ، وَقَدْ تُكْسَرُ وَقَدْ تُحْذَفُ وَقَدْ تُفْتَحُ الْمُوَحَّدَةُ، وَقَدْ يُزَادُ بَعْدَهَا أَلِفٌ مَعَ مَدِّ الْأُولَى حَكَاهُ الْهَجَرِيُّ وَأَنْكَرَهُ الْجَوَالِيقِيُّ، وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّهُمْ نَسَبُوا إِلَيْهَا آذَرِيٌّ بِالْمَدِّ اقْتِصَارًا عَلَى الرُّكْنِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَةِ إِلَى بَعْلَبَكٍّ بَعْلِيٌّ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الثَّانِيَةِ مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: خَطَبَ عُثْمَانُ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا قُبِضَ نَبِيُّكُمْ مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدِ اخْتَلَفْتُمْ فِي الْقِرَاءَةِ الْحَدِيثُ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ، وَكَانَتْ خِلَافَةُ عُثْمَانَ بَعْدَ قَتْلِ عُمَرَ، وَكَانَ قَتْلُ عُمَرَ فِي أَوَاخِرِ ذِي الْحَجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ﷺ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَيْ كَامِلَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ خِلَافَتِهِ، لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ مُنْذُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِإِلْغَاءِ الْكَسْرِ فِي هَذِهِ وَجَبْرِهِ فِي الْأُولَى فَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ خِلَافَتِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَأَوَائِلِ سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي ذَكَرَ أَهْلُ التَّارِيخِ أَنَّ أَرْمِينِيَّةَ فُتِحَتْ فِيهِ، وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ وِلَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ عُثْمَانَ. وَغَفَلَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ فَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حُدُودِ سَنَةِ ثَلَاثِينَ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِذَلِكَ مُسْتَنَدًا.

قَوْلُهُ: (فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ) فِي


(١) أي أول"اذربيجان"
(٢) بياض بالأصل