فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ، وَقَالَا: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، وَهُوَ كَمَا قَالَا قَدْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ لَكِنْ حُذِفَ هَذَا الِاسْمُ وَكَأَنَّهُ عَمْدًا، وَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَذَفَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْهَا ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ دُرَّةٌ وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ، وَجَزَمَ الْمُنْذِرِيُّ بِأَنَّ اسْمَهَا حَمْنَةُ كَمَا فِي الطَّبَرَانِيِّ، وَقَالَ عِيَاضٌ. لَا نَعْلَمُ لِعَزَّةَ ذِكْرًا فِي بَنَاتِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَّا فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَقَالَ أَبُو مُوسَى: الْأَشْهَرُ فِيهَا عَزَّةُ.
قَوْلُهُ (أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكَ)؟ هُوَ اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ مِنْ كَوْنِهَا تَطْلُبُ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا مَعَ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مِنَ الْغَيْرَةِ.
قَوْلُهُ (لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَخْلَى يُخْلِي، أَيْ لَسْتُ بِمُنْفَرِدَةٍ بِكَ وَلَا خَالِيَةٍ مِنْ ضَرَّةٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بِوَزْنِ فَاعِلِ الْإِخْلَاءِ مُتَعدِّيًا وَلَازِمًا، مِنْ أَخْلَيْتُ بِمَعْنَى خَلَوْتُ مِنَ الضَّرَّةِ، أَيْ لَسْتُ بِمُتَفَرِّغَةٍ وَلَا خَالِيَةٍ مِنْ ضَرَّةٍ، وَفِي بَعْضِ الرَّوِايَّاتِ بِفَتْحِ اللَّامِ بِلَفْظِ الْمَفْعُولِ حَكَاهَا الْكِرْمَانِيُّ. وَقَالَ عِيَاضٌ: مُخْلِيَةٌ أَيْ مُنْفَرِدَةٌ يُقَالُ أَخْلِ أَمَرَكَ وَأَخْلُ بِهِ أَيِ انْفَرِدْ بِهِ، وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: مَعْنَاهُ لَمْ أَجِدْكَ خَالِيًا مِنَ الزَّوْجَاتِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَوْلِهِمُ امْرَأَةٌ مُخْلِيَةٌ إِذَا خَلَتْ مِنَ الْأَزْوَاجِ.
قَوْلُهُ (وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي) مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ أَيْ إِلَيَّ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْآتِيَةِ قَرِيبًا مَنْ شَرِكَنِي بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَكَذَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ.
قَوْلُهُ (فِي خَيْرٍ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّنْكِيرِ أَيْ أَيُّ خَيْرٍ كَانَ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ فِي الْخَيْرِ قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ صُحْبَةُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْمُتَضَمِّنَةُ لِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ السَّاتِرَةُ لِمَا لَعَلَّهُ يَعْرِضُ مِنَ الْغَيْرَةِ الَّتِي جَرَتْ بِهَا الْعَادَةُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْمَذْكُورَةِ وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِيكَ أخي فَعَرَفَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَيْرِ ذَاتُهُ ﷺ.
قَوْلُهُ (فَإِنَّا نُحَدَّثُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْمَذْكُورَةِ قُلْتُ بَلَغَنِي وَفِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ إِنَّا لِنَتَحَدَّثُ وَفِي رِوَايَةِ وَهْبٍ، عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرْتُ. قَوْلُهُ (أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ) فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ الْآتِيَةِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَخْطُبُ وَلَمْ أَقِفُ عَلَى اسْمِ مَنْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ كَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَإِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْخَبَرَ لَا أَصْلَ لَهُ، وَهَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ضَعْفِ الْمَرَاسِيلِ.
قَوْلُهُ (بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ) فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ الْآتِيَةِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ طَرِيقِ عِرَاكٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ وَهِيَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَفِي رِوَايَةٍ حَكَاهَا عِيَاضٌ وَخَطَّأَهَا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ دُرَّةُ أَوْ ذَرَّةُ عَلَى الشَّكِّ، شَكَّ زُهَيْرٌ رَاوِيَةً عَنْ هِشَامٍ. وَوَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَخْطُبُ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى خَطَئِهِ.
وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى فِي ذَيْلِ الْمَعْرِفَةِ حَمْنَةُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ خَطَأٌ، وَقَوْلُهُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ هُوَ اسْتِفْهَامُ اسْتِثْبَاتٍ لِرَفْعِ الْإِشْكَالِ، أَوِ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَيَكُونُ تَحْرِيمُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهَا فَمِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَكَأَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ لَمْ تَطَّلِعْ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ إِمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ وَإِمَّا بَعْدَ ذَلِكَ، وَظَنَّتْ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ ﷺ، كَذَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَوَّلُ يَدْفَعُهُ سِيَاقُ الْحَدِيثِ، وَكَأَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتَدَلَّتْ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَابْنَتِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، لِأَنَّ الرَّبِيبَةَ حَرُمَتْ عَلَى التَّأْبِيدِ وَالْأُخْتَ حَرُمَتْ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ فَقَطْ، فَأَجَابَهَا ﷺ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ، وَأَنَّ الَّذِي بَلَغَهَا مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَقٍّ، وَأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَتَيْنِ.
قَوْلُهُ (لَوْ أَنَّهَا لَمْ