للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَكُونُوا إِخْوَانًا.

[الحديث ٥١٤٣ - أطرافه في: ٦٦٠٦٤، ٦٠٦٦، ٦٧٧٤]

٥١٤٤ - وَلَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَدَعَ) كَذَا أَوْرَدَهُ بِلَفْظِ: أَوْ يَدَعَ، وَذَكَرَهُ فِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: أَوْ يَتْرُكَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ بِلَفْظِ: حَتَّى يَذَرَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَدَعَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

قَوْلُهُ: (نَهَى النَّبِيُّ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْبُيُوعِ، وَالْبَحْثُ فِي اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِ، وَهَذَا اللَّفْظُ لَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ هُمُ الْمُسْلِمُونَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَخْطُبْ) بِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْيِ، أَيْ وَقَالَ: لَا يَخْطُبُ. وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ نَفْيٌ، وَسِيَاقُ ذَلِكَ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ أَبْلَغُ فِي الْمَنْعِ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ يَبِيعَ عَلَى أَنَّ لَا فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَخْطُبْ زَائِدَةٌ، وَيُؤَيِّدُ الرَّفْعَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَلَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ بِرَفْعِ الْعَيْنِ مِنْ يَبِيعُ، وَالْبَاءِ مِنْ يَخْطُبُ، وَإِثْبَاتِ التَّحْتَانِيَّةِ فِي يَبِيعُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ)؛ أَيْ حَتَّى يَأْذَنَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي.

قَوْلُهُ: فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ) لِلَّيْثٍ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِي قِصَّةِ الْخِطْبَةِ فَقَطْ؛ وَسَأَذْكُرُ لَفْظَهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةُ يَأْثُرُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ تَقُولُ: آثَرْتُ الْحَدِيثَ آثُرُهُ بِالْمَدِّ أَثْرًا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، ثُمَّ سُكُونٍ إِذَا ذَكَرْتَهُ عَنْ غَيْرِكَ، وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا.

قَوْلُهُ: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ إِلَخْ) يَأْتِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ مَعَ شَرْحِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ شَيْخَ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، فَزَادَ فِي الْمَتْنِ زِيَادَاتٍ ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ مُفَرَّقَةً، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، قَالَ الْجُمْهُورُ: هَذَا النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا النَّهْيُ لِلتَّأْدِيبِ، وَلَيْسَ بِنَهْيِ تَحْرِيمٍ يُبْطِلُ الْعَقْدَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، كَذَا قَالَ، وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ كَوْنِهِ لِلتَّحْرِيمِ وَبَيْنَ الْبُطْلَانِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ لِلتَّحْرِيمِ وَلَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ، بَلْ حَكَى النَّوَوِيُّ أَنَّ النَّهْيَ فِيهِ لِلتَّحْرِيمِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي شُرُوطِهِ فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: مَحِلُّ التَّحْرِيمِ مَا إِذَا صَرَّحَتِ الْمَخْطُوبَةُ أَوْ وَلِيُّهَا الَّذِي أَذِنَتْ لَهُ حَيْثُ يَكُونُ إِذْنُهَا مُعْتَبَرًا بِالْإِجَابَةِ، فَلَوْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالرَّدِّ فَلَا تَحْرِيمَ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمِ الثَّانِي بِالْحَالِ فَيَجُوزُ الْهُجُومُ عَلَى الْخِطْبَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ وَقَعَتِ الْإِجَابَةُ بِالتَّعْرِيضِ كَقَوْلِهَا: لَا رَغْبَةَ عَنْكَ فَقَوْلَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، الْأَصَحُّ وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ لَا يَحْرُمُ أَيْضًا، وَإِذَا لَمْ تَرُدَّ وَلَمْ تَقْبَلْ فَيَجُوزُ، وَالْحُجَّةُ فِيهِ قَوْلُ فَاطِمَةَ: خَطَبَنِي مُعَاوِيَةُ، وَأَبُو جَهْمٍ فَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا؛ بَلْ خَطَبَهَا لِأُسَامَةَ، وَأَشَارَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا خَطَبَا مَعًا أَوْ لَمْ يَعْلَمِ الثَّانِي

بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ، وَالنَّبِيُّ أَشَارَ بِأُسَامَةَ وَلَمْ يَخْطُبْ. وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ خَطَبَ فَكَأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ لَهَا مَا فِي مُعَاوِيَةَ، وَأَبِي جَهْمٍ ظَهَرَ مِنْهَا الرَّغْبَةُ عَنْهُمَا فَخَطَبَهَا لِأُسَامَةَ.

وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَعْنَى حَدِيثِ الْبَابِ إِذَا خَطَبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَرَضِيَتْ بِهِ، وَرَكَنَتْ إِلَيْهِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِرِضَاهَا وَلَا رُكُونِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَهَا،