للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَسُولَ اللَّهِ فِي عُرْسِهِ وَكَانَتْ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ وَهِيَ الْعَرُوسُ قَالَ سَهْلٌ تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا أَكَلَ سَقَتْهُ إِيَّاهُ"

[الحديث ٥١٧٦ - أطرافه في: ٥١٨٢، ٥١٨٣، ٥٥٩١، ٥٥٩٧، ٦٦٨٥]

قَوْلُهُ (بَابُ حَقِّ إِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ) كَذَا عَطَفَ الدَّعْوَةَ عَلَى الْوَلِيمَةِ؛ فَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْوَلِيمَةَ مُخْتَصَّةٌ بِطَعَامِ الْعُرْسِ وَيَكُونُ عَطْفُ الدَّعْوَةِ عَلَيْهَا مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِهِ، وَأَمَّا اخْتِصَاصُ اسْمِ الْوَلِيمَةِ بِهِ فَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ، وَثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ، وَابْنُ الْأَثِيرِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: الْوَلِيمَةُ طَعَامُ الْعُرْسِ وَالْإِمْلَاكِ، وَقِيلَ: كُلُّ طَعَامٍ صُنِعَ لِعُرْسٍ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ: الْوَلِيمَةُ طَعَامُ النِّكَاحِ، وَقِيلَ الْإِمْلَاكِ وَقِيلَ طَعَامُ الْعُرْسِ خَاصَّةً. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ: تَقَعُ الْوَلِيمَةُ عَلَى كُلِّ دَعْوَةٍ تُتَّخَذُ لِسُرُورٍ حَادِثٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ خِتَانٍ وَغَيْرِهِمَا، لَكِنَّ الْأَشْهَرَ اسْتِعْمَالُهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي النِّكَاحِ وَتُقَيَّدَ فِي غَيْرِهِ، فَيُقَالُ وَلِيمَةُ الْخِتَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْوَلِيمَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْوَلْمِ وَهُوَ الْجَمْعُ وَزْنًا وَمَعْنًى لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ يَجْتَمِعَانِ.

وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَصْلُهَا مِنْ تَتْمِيمِ الشَّيْءِ وَاجْتِمَاعِهِ، وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ ثُمَّ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّهَا لَا تُطْلَقُ فِي غَيْرِ طَعَامِ الْعُرْسِ إِلَّا بِقَرِينَةٍ، وَأَمَّا الدَّعْوَةُ فَهِيَ أَعَمُّ مِنَ الْوَلِيمَةِ، وَهِيَ بِفَتْحِ الدَّالِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَضَمَّهَا قُطْرُبٌ فِي مُثَلَّثَتِهِ وَغَلَّطُوهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ النَّوَوِيُّ، قَالَ: وَدِعْوَةُ النَّسَبِ بِكَسْرِ الدَّالِ، وَعَكَسَ ذَلِكَ بَنُو تَيْمِ الرِّبَابِ فَفَتَحُوا دَالَ دَعْوَةِ النَّسَبِ وَكَسَرُوا دَالَ دَعْوَةِ الطَّعَامِ اهـ. وَمَا نَسَبَهُ لِبَنِي تَيْمٍ الرِّبَابَ نَسَبَهُ صَاحِبَا الصِّحَاحِ والْمُحْكَمِ لِبَنِي عَدِيِّ الرِّبَابَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِعِيَاضٍ أَنَّ الْوَلَائِمَ ثَمَانِيَةٌ: الْإِعْذَارُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ لِلْخِتَانِ، وَالْعَقِيقَةُ لِلْوِلَادَةِ، وَالْخُرْسُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ثُمَّ سِينٍ مُهْمَلَةٍ لِسَلَامَةِ الْمَرْأَةِ مِنَ الطَّلْقِ، وَقِيلَ هُوَ طَعَامُ الْوِلَادَةِ، وَالْعَقِيقَةُ تَخْتَصُّ بِيَوْمِ السَّابِعِ. وَالنَّقِيعَةُ لِقُدُومِ الْمُسَافِرِ مُشْتَقَّةٌ مِنَ النَّقْعِ وَهُوَ الْغُبَارُ. وَالْوَكِيرَةُ لِلسَّكَنِ الْمُتَجَدِّدِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَكْرِ وَهُوَ الْمَأْوَى وَالْمُسْتَقَرُّ. وَالْوَضِيمَةُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ لِمَا يُتَّخَذُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَالْمَأْدُبَةُ لِمَا يُتَّخَذُ بِلَا سَبَبٍ وَدَالُهَا مَضْمُومَةٌ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا، انْتَهَى. وَالْإِعْذَارُ يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا الْعُذْرَةُ بِضَمٍّ ثُمَّ سُكُونٍ، وَالْخُرْسُ يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ السِّينِ، وَقَدْ تُزَادُ فِي آخِرِهَا هَاءٌ فَيُقَالُ خُرْسَةٌ وَخُرْصَةٌ وَقِيلَ إِنَّهَا لِسَلَامَةِ الْمَرْأَةِ مِنَ الطَّلْقِ، وَأَمَّا الَّتِي لِلْوِلَادَةِ بِمَعْنَى الْفَرَحِ بِالْمَوْلُودِ فَهِيَ الْعَقِيقَةُ.

وَاخْتُلِفَ فِي النَّقِيعَةُ هَلِ الَّتِي يَصْنَعُهَا الْقَادِمُ مِنَ السَّفَرِ أَوْ تُصْنَعُ لَهُ؟ قَوْلَانِ. وَقِيلَ النَّقِيعَةُ الَّتِي يَصْنَعُهَا الْقَادِمُ، وَالَّتِي تُصْنَعُ لَهُ تُسَمَّى التُّحْفَةُ. وَقِيلَ إِنَّ الْوَلِيمَةَ خَاصٌّ بِطَعَامِ الدُّخُولِ، وَأَمَّا طَعَامُ الْإِمْلَاكِ فَيُسَمَّى الشُّنْدَخُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تُضَمُّ وَآخِرُهُ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ شُنْدَخٌ أَيْ يَتَقَدَّمُ غَيْرَهُ سُمِّيَ طَعَامٌ الْإِمْلَاكِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتَقَدَّمُ الدُّخُولَ. وَأَغْرَبَ شَيْخُنَا فِي التَّدْرِيبِ؛ فَقَالَ: الْوَلَائِمُ سَبْعٌ وَهُوَ وَلِيمَةُ الْإِمْلَاكِ وَهُوَ التَّزَوُّجُ وَيُقَالُ لَهَا النَّقِيعَةُ بِنُونٍ وَقَافٍ، وَوَلِيمَةُ الدُّخُولِ وَهُوَ الْعُرْسُ وَقَلَّ مَنْ غَايَرَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى.

وَمَوْضِعُ إِغْرَابِهِ تَسْمِيَةُ وَلِيمَةِ الْإِمْلَاكِ نَقِيعَةً، ثُمَّ رَأَيْتُهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُنْذِرِيَّ فِي حَوَاشِيهِ وَقَدْ شَذَّ بِذَلِكَ. وَقَدْ فَاتَهُمْ ذِكْرُ الْحِذَاقِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ قَافٌ: الطَّعَامُ الَّذِي يُتَّخَذُ عِنْدَ حِذْقِ الصَّبِيِّ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هُوَ الَّذِي يُصْنَعُ عِنْدَ الْخَتْمِ أَيْ خَتْمِ الْقُرْآنِ كَذَا قَيَّدَهُ، وَيَحْتَمِلُ خَتْمُ ختم قَدْرٍ مَقْصُودٍ مِنْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَطَّرِدَ ذَلِكَ