للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُحْسِنُ الضِّرَابَ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ تَأْكِيدًا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِمْ بُعْدًا وَسُحْقًا. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: قَوْلُهُ غَيَايَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَيِّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ، وَبِالْمُهْمَلَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعِيِّ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْعَيَايَاءُ بِالْمُهْمَلَةِ الْعِيُّ الَّذِي تُعْيِيهِ مُبَاضَعَةُ النِّسَاءِ، وَأَرَاهُ مُبَالَغَةً مِنَ الْعِيِّ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الْعَيِيُّ الَّذِي لَا يَهْتَدِي. وَقَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ: الْغَيَايَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنَ الْغَيَايَةِ وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ أَظَلَّ الشَّخْصَ فَوْقَ رَأْسِهِ، فَكَأَنَّهُ مُغَطًّى عَلَيْهِ مِنْ جَهْلِهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ احْتِمَالًا جَزَمَ بِهِ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ: غَيَايَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ صَحِيحٌ، وَهُوَ مأخوذٌ مِنَ الْغَيايَةِ وَهِيَ الظُّلْمَةُ، وَكُلُّ مَا أَظَلَّ الشَّخْصَ، وَمَعْنَاهُ لَا يَهْتَدِي إِلَى مَسْلَكٍ.

أَوْ أَنَّهَا وَصَفَتْهُ بِثِقَلِ الرُّوحِ، وَأَنَّهُ كَالظِّلِّ الْمُتَكَاثِفِ الظُّلْمَةِ الَّذِي لَا إِشْرَاقَ فِيهِ، أَوْ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّهُ غُطِّيَتْ عَلَيْهِ أُمُورُهُ. أَوْ يَكُونُ غَيَايَاءُ مِنَ الْغَيِّ وَهُوَ الِانْهِمَاكُ فِي الشَّرِّ، أَوْ مِنَ الْغَيِّ الَّذِي هُوَ الْخَيْبَةُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الطَّبَاقَاءُ الْمُطْبِقُ عَلَيْهِ حُمْقًا. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الَّذِي تَنْطَبِقُ عَلَيْهِ أُمُورُهُ. وَعَنِ الْجَاحِظِ: الثَّقِيلُ الصَّدْرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ يَنْطَبِقُ صَدْرُهُ عَلَى صَدْرِ الْمَرْأَةِ فَيَرْتَفِعُ سُفْلُهُ عَنْهَا، وَقَدْ ذَمَّتِ امْرَأَةٌ امْرَأَ الْقَيْسِ فَقَالَتْ لَهُ: ثَقِيلُ الصَّدْرِ، خَفِيفُ الْعُجُزِ، سَرِيعُ الْإِرَاقَةِ، بَطِيءُ الْإِفَاقَةِ.

قَالَ عِيَاضٌ: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ وَصْفِهَا لَهُ بِالْعَجْزِ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَبَيْنَ وَصْفِهَا بِثَقِلِ الصَّدْرِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ تَنْزِيلِهِ عَلَى حَالَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مَذْمُومٌ، أَوْ يَكُونُ إِطْبَاقُ صَدْرِهِ مِنْ جُمْلَةِ عَيْبِهِ وَعَجْزِهِ وَتَعَاطِيهِ مَا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ، لَكِنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ فَسَّرَ عَيَايَاءَ بِأَنَّهُ الْعِنِّينُ. وَقَوْلُهَا كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ أَيْ كُلُّ شَيْءٍ تَفَرَّقَ فِي النَّاسِ مِنَ الْمَعَايِبِ مَوْجُودٌ فِيهِ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا لَهُ دَاءٌ خَبَرًا لِـ كُلُّ، أَيْ أَنَّ كُلَّ دَاءٍ تَفَرَّقَ فِي النَّاسِ فَهُوَ فِيهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ صِفَةً لِدَاءٍ، وَدَاءٌ خَبَر لِـ كُلُّ، أَيْ كُلُّ دَاءٍ فيه فِي غَايَةِ التَّنَاهِي، كَمَا يُقَالُ: إِنَّ زَيْدًا لَزَيْدٌ، وَإِنَّ هَذَا الْفَرَسَ لَفَرَسٌ. قَالَ عِيَاضٌ: وَفِيهِ مِنْ لَطِيفِ الْوَحْيِ وَالْإِشَارَةِ الغاية لِأَنَّهُ انْطَوَى تَحْتَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ كَلَامٌ كَثِيرٌ. وَقَوْلُهَا: شَجَّكِ بِمُعْجَمَةٍ أَوَّلَهُ وَجِيمٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ جَرَحَكِ فِي رَأْسِكِ، وَجِرَاحَاتُ الرَّأْسِ تُسَمَّى شِجَاجًا وَقَوْلُهَا: أَوْ فَلَّكِ بِفَاءٍ ثُمَّ لَامٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ جَرَحَ جَسَدَكِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

بِهِنَّ فُلُولٌ

أَيْ ثُلَمٌ جَمْعُ ثُلْمَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ نَزَعَ مِنْكِ كُلَّ مَا عِنْدَكِ أَوْ كَسَرَكِ بِسَلَاطَةِ لِسَانِهِ وَشِدَّةِ خُصُومَتِهِ. زَادَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي رِوَايَتِهِ أَوْ بَجَّكِ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ جِيمٍ، أَيْ طَعَنَكِ فِي جِرَاحَتِكِ فَشَقَّهَا، وَالْبَجُّ شَقُّ الْقُرْحَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّعْنَةُ. وَقَوْلُهَا أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ إِنْ حَدَّثْتِهِ سَبَّكِ، وَإِنْ مَازَحْتِهِ فَلَّكِ، وَإِلَّا جَمَعَ كُلًّا لَكِ، وَهِيَ تُوَضِّحُ أَنَّ أَوْ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ لِلتَّقْسِيمِ لَا لِلتَّخْيِيرِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ أَنَّهُ ضَرُوبٌ لِلنِّسَاءِ، فَإِذَا ضَرَبَ إِمَّا أَنْ يَكْسِرَ عَظْمًا أَوْ يَشُجَّ رَأْسًا أَوْ يَجْمَعَهُمَا. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْفَلِّ الطَّرْدَ وَالْإِبْعَادَ، وَبِالشَّجِّ الْكَسْرَ عِنْدَ الضَّرْبِ، وَإِنْ كَانَ الشَّجُّ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي جِرَاحَةِ الرَّأْسِ. قَالَ عِيَاضٌ: وَصَفَتْهُ بِالْحُمْقِ، وَالتَّنَاهِي فِي سُوءِ الْعِشْرَةِ، وَجَمْعِ النَّقَائِصِ بِأَنْ يَعْجِزَ عَنْ قَضَاءِ وَطَرِهَا مَعَ الْأَذَى، فَإِذَا حَدَّثَتْهُ سَبَّهَا، وَإِذَا مَازَحَتْهُ شَجَّهَا، إِذَا أَغْضَبَتْهُ كَسَرَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا أَوْ شَقَّ جِلْدَهَا أَوْ أَغَارَ عَلَى مَالِهَا أَوْ جَمَعَ كُلَّ ذَلِكَ مِنَ الضَّرْبِ وَالْجَرْحِ وَكَسْرِ الْعُضْوِ وَمُوجِعِ الْكَلَامِ وَأَخَذِ الْمَالِ.

قَوْلُهُ (قَالَتِ الثَّامِنْةُ: زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ زَادَ الزُّبَيْرُ فِي رِوَايَتِهِ وَأَنَا أَغْلِبُهُ وَالنَّاسَ يَغْلِبُ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عُقْبَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ عِنْدَهُ، وَكَذَا لِلطَّبَرَانِي لَكِنْ بِلَفْظِ وَنَغْلِبُهُ بِنُونِ الْجَمْعِ، وَالْأَرْنَبُ دُوَيْبَةٌ لَيِّنَةُ الْمَسِّ نَاعِمَةُ الْوَبَرِ جِدًّا، وَالزَّرْنَبُ بِوَزْنِ الْأَرْنَبِ لَكِنَّ أَوَّلَهُ زَايٌ وَهُوَ نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ بِالشَّامِ بِجَبَلِ لُبْنَانَ لَا تُثْمِرُ لَهَا وَرَقٌ بَيْنَ الْخُضْرَةِ وَالصُّفْرَةِ، كَذَا ذَكَرَهُ