للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِجَارَتِهَا ضَرَّتُهَا أَوْ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لِأَنَّ الْجَارَاتِ مِنْ شَأْنِهِنَّ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَغَيْرُ جَارَتِهَا بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ مِنَ الْغَيْرَةِ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا قَوْلُ عُمَرَ، لِحَفْصَةَ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَضْوَأَ مِنْكِ يَعْنِي عَائِشَةَ، وَقَوْلُهَا، صِفْرٌ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُ نِ الْفَاءِ أَيْ خَالٍ فَارِغٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ رِدَاءَهَا كَالْفَارِغِ الْخَالِي لِأَنَّهُ لَا يَمَسُّ مِنْ جِسْمِهَا شَيْئًا لِأَنَّ رَدْفَهَا وَكَتِفَيْهَا يَمنَعُ مَسَّهُ مِنْ خَلْفِهَا شَيْئًا مِنْ جِسْمِهَا وَنَهْدَهَا يَمْنَعُ مَسَّهُ شَيْئًا مِنْ مُقَدَّمِهَا، وَفِي كَلَامِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَغَيْرِهِ: مَعْنَى قَوْلِهَا: صِفْرٌ رِدَاؤُهَا تَصِفُهَا بِأَنَّهَا خَفِيفَةُ مَوْضِعِ التَّرْدِيَةِ وَهُوَ أَعْلَى بَدَنِهَا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ مِلْءُ كِسَائِهَا أَيْ مُمْتَلِئَةُ مَوْضِعِ الْأَزْرَةِ وَهُوَ أَسْفَلُ بَدَنِهَا، وَالصِّفْرُ الشَّيْءُ الْفَارِغُ، قَالَ عِيَاضٌ: وَالْأَوْلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ امْتِلَاءَ مَنْكِبَيْهَا وَقِيَامَ نَهْدِيهَا يَرْفَعَانِ الرِّدَاءَ عَنْ أَعْلَى جَسَدِهَا فَهُوَ لَا يَمَسُّهُ فَيَصِيرُ كَالْفَارِغِ مِنْهَا، بِخِلَافِ أَسْفَلِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَبَتِ الرَّوَادِفُ وَالنُّهُودُ لِقُمُصِهَا … مِنْ أَنْ تَمَسَّ بُطُونَهَا وَظُهُورَهَا

وَقَوْلُهَا قَبَّاءُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ ضَامِرَةُ الْبَطْنِ، وهَضِيمَةُ الْحَشَا هُوَ بِمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ، وَجَائِلَةُ الْوِشَاحِ أَيْ يَدُورُ وِشَاحُهَا لِضُمُورِ بَطْنِهَا، وعَكْنَاءُ أَيْ ذَاتُ أَعْكَانٍ، وَفَعْمَاءُ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ مُمْتَلِئَةُ الْجِسْمِ، ونَجْلَاءُ بِنُونٍ وَجِيمٍ أَيْ وَاسِعَةُ الْعَيْنِ، ودَعْجَاءُ أَيْ شَدِيدَةُ سَوَادِ الْعَيْنِ، وَرَجَّاءُ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ أَيْ كَبِيرَةُ الْكِفْلِ تَرْتَجُّ مِنْ عَظَمه إِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِالرَّاءِ، فَإِنْ كَانَتْ بِالزَّايِ فالْمُرَادُ فِي حَاجِبَيْهَا تَقْوِيسٌ، ومُؤَنَّقَةٌ بِنُونٍ ثَقِيلَةٍ وَقَافٍ، وَمُفَنَّقَةٌ بِوَزْنِهِ أَيْ مُغَذَّيَةٌ بِالْعَيْشِ النَّاعِمِ، وَكُلُّهَا أَوْصَافٌ حِسَانٌ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ بُرُودُ الظِّلِّ أَيْ أَنَّهَا حَسَنَةُ الْعِشْرَةِ كَرِيمَةُ الْجِوَارِ وَفِيُّ الْإِلَى بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْإِلَى بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيِ الْعَهْدِ أَوِ الْقَرَابَةِ كَرِيمُ الْخِلِّ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ الصَّاحِبُ زَوْجًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَتْ هَذِهِ الْأَوْصَافَ مَعَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ مُؤَنَّثٌ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِهِ مَذْهَبَ التَّشْبِيهِ أَيْ هِيَ كَرَجُلٍ فِي هَذِهِ الْأَوْصَافِ، أَوْ حَمَلَتْهُ عَلَى الْمَعْنَى كَشَخْصٍ أَوْ شَيْءٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ حَرَامٍ: وَعَفْرَاءُ عَنِّي الْمُعْرِضُ الْمُتَوَانِي

قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الرُّوَاةِ نَقَلَ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنَ الِابْنِ إِلَى الْبِنْتِ، وَفِي أَكْثَرِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ رَدٌّ عَلَى الزَّجَّاجِيِّ فِي إِنْكَارِهِ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسَنِ وَجْهِهِ وَزَعَمَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ انْفَرَدَ بِإِجَازَةِ مِثْلِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الشَّيْءَ إِلَى نَفْسِهِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَخْطَأَ الزَّجَّاجِيُّ فِي مَوَاضِعَ فِي مَنْعِهِ وَتَعْلِيلِهِ وَتَخْطِئَتِهِ وَدَعْوَاهُ الشُّذُوذَ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ خَرُوفٍ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِهِ لَا يُحْصَى عَدَدُهُمْ، وَكَيْفَ يُخْطِئُ مَنْ تَمَسَّكَ بِالسَّمَاعِ الصَّحِيحِ كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ، وَكَمَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ شَئْنٌ أَصَابِعُهُ.

تَنْبِيهٌ: سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ ذِكْرُ ابْنِ أَبِي زَرْعٍ وَوَصْفُ بِنْتِ أَبِي زَرْعٍ؛ فَجَعْلَ وَصْفَ ابْنِ أَبِي زَرْعٍ لِبِنْتِ أَبِي زَرْعٍ، وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى وَأَتَمُّ.

قَوْلُهُ (جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ خَادِمُ أَبِي زَرْعٍ، وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ وَلِيدُ أَبِي زَرْعٍ وَالْوَلِيدُ الْخَادِمُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

قَوْلُهُ (لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُثَلَّثَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ وَهُمَا بِمَعْنَى: بَثَّ الْحَدِيثَ وَنَثَّ الْحَدِيثَ أَظْهَرَهُ، وَيُقَالُ بِالنُّونِ فِي الشَّرِّ خَاصَّةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْأُولَى. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: النَّثَّاثُ الْمُغْتَابُ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ وَلَا تُخْرِجُ.

قَوْلُهُ (وَلَا تُنَقِّثُ بِتَشْدِيدِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ أَيْ تُسْرِعُ فِيهِ بِالْخِيَانَةِ وَتُذْهِبُهُ بِالسَّرِقَةِ، كَذَا فِي الْبُخَارِيِّ وَضَبَطَهُ عِيَاضٌ فِي مُسْلِمٍ بِفَتْحٍ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْقَافِ، قَالَ: وَجَاءَ تَنْقِيثًا مَصْدَرًا عَلَى غَيْرِ الْأَصْلِ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا﴾ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي