للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ بِلَازِمِهِ كَالْوَعِيدِ أَوْ إِيقَاعِ الْعُقُوبَةِ بِالْفَاعِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْكُسُوفِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا يَنْبَغِي اسْتِحْضَارُهُ هُنَا.

ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ أَشْرَفِ وُجُوهِ غَيْرَتِهِ تَعَالَى اخْتِصَاصُهُ قَوْمًا بِعِصْمَتِهِ، يَعْنِي فَمَنِ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ عَاقَبَهُ، قَالَ: وَأَشَدُّ الْآدَمِيِّينَ غَيْرَةً رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَنَّهُ كَانَ يَغَارُ لِلَّهِ وَلِدِينِهِ، وَلِهَذَا كَانَ لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ اهـ. وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ تِسْعَةَ أَحَادِيثَ: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ

قَوْلُهُ (وَقَالَ وَرَّادٌ) بِفَتْحِ الْوَاو وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ هُوَ كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَمَوْلَاهُ، وَحَدِيثُهُ هَذَا الْمُعَلَّقُ عَنِ الْمُغِيرَةِ سَيَأْتِي مَوْصُولًا فِي كِتَابِ الْحُدُودِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْهُ بِلَفْظِهِ لَكِنْ فِيهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ وَاخْتَصَرَهَا هُنَا، وَيَأْتِي أَيْضًا فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَتَمَّ سِيَاقًا، وَأَغْفَلَ الْمِزِّيُّ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيقِ فِي النِّكَاحِ.

قَوْلُهُ (قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ) هُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَأَحَدُ نُقَبَائِهِمْ.

قَوْلُهُ (لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ) عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ: قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلًا أُمْهِلْهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءٍ؟ قَالَ: نَعَمْ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: قَالَ: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ كُنْتُ لِأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَاللَّفْظُ لَهُ وَأَبِي دَاوُدَ، وَالْحَاكِمِ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ الْآيَةَ، قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَهَكَذَا أُنْزِلَتْ؟ فَلَوْ وَجَدْتُ لَكَاعِ مُتَفَخِّذُهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أُحَرِّكَهُ وَلَا أُهَيِّجَهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَوَاللَّهِ لَا آتِي بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَا تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَلُمْهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ غَيُورٌ، وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً قَطُّ إِلَّا عَذْرَاءَ، وَلَا طَلَّقَ امْرَأَةً فَاجْتَرَأَ رَجُلٌ مِنَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مِنْ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ، فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّهَا لَحَقٌّ وَأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلَكِنِّي عَجِبْتُ.

قَوْلُهُ (غَيْرَ مُصْفِحٍ) قَالَ عِيَاضٌ: هُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ: وَرَوَيْنَاهُ أَيْضًا بِفَتْحِ الْفَاءِ، فَمَنْ فَتْحَ جَعَلَهُ وَصْفًا لِلسَّيْفِ وَحَالًا مِنْهُ، وَمَنْ كَسَرَ جَعَلَهُ وَصْفًا لِلضَّارِبِ وَحَالًا مِنْهُ اهـ. وَزَعَمَ ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي سَائِرِ الْأُمَّهَاتِ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَهُوَ مَنْ صَفَّحَ السَّيْفَ أَيْ عَرَّضَهُ وَحَدَّهُ، وَيُقَالُ لَهُ غِرَارٌ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَلِلسَّيْفِ صَفْحَانِ وَحَدَّانِ، وَأَرَادَ أَنَّهُ يَضْرِبُهُ بِحَدِّهِ لَا بِعَرْضِهِ، وَالَّذِي يَضْرِبُ بِالْحَدِّ يَقْصِدُ إِلَى الْقَتْلِ بِخِلَافِ الَّذِي يَضْرِبِ بِالصَّفْحِ فَإِنَّهُ يَقْصِدُ التَّأْدِيبَ. وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ غَيْرَ مُصْفِحٍ عَنْهُ، وَهَذِهِ يَتَرَجَّحُ فِيهَا كَسْرُ الْفَاءِ، وَيَجُوزُ الْفَتْحُ أَيْضًا عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَقَدْ أَنْكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ: ظَنَّ الرَّاوِي أَنَّهُ مِنَ الصَّفْحِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْعَفْوِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ صَفْحِ السَّيْفِ، قُلْتُ: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهَا عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَالصَّفْحُ وَالصَّفْحَةُ بِمَعْنًى. وَقَدْ أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ لَفْظُهُ عَنْهُ وَكَذَا سَائِرُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرُهُ لَمْ يَذْكُرُوهَا.

قَوْلُهُ (أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ) تَمَسَّكَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ مَنْ أَجَازَ فِعْلَ مَا قَالَ سَعْدٌ، وَقَالَ: إِنْ وَقَعَ ذَلِكَ ذَهَبَ دَمُ الْمَقْتُولِ هَدَرًا، نُقِلَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْمَوَّازِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ وَبَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الحديث الثاني.

قَوْلُهُ (شَقِيقٌ) هُوَ أَبُو وَائِلٍ الْأَسَدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ.

قَوْلُهُ (مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ) مِنْ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَيَجُوزُ فِي أَغْيَرُ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ عَلَى اللُّغَتَيْنِ الْحِجَازِيَّةِ وَالتَّمِيمِيَّةِ فِي مَا، وَيَجُوزُ فِي النَّصْبِ أَنْ يَكُونَ أَغْيَرَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَلَى النَّعْتِ لِأَحَدٍ، وَفِي الرَّفْعِ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِأَحَدٍ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ فِي الْحَالَيْنِ تَقْدِيرُهُ مَوْجُودٌ وَنَحْوُهُ، وَالْكَلَامُ عَلَى غَيْرَةِ اللَّهِ ذُكِرَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَبَقِيَّةُ شَرْحِ الْحَدِيثِ يَأْتِي فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

تَنْبِيهٌ:

وَقَعَ عِنْدَ