للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بَعِيدٌ جِدًّا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَيَتَفَرَّعُ مِنْهُ إِجْرَاءُ أَحْكَامِ الرَّقِيقِ كُلِّهَا فِي النِّكَاحِ وَالْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ أَكْثَرَ بِسَرْدِهَا مَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهُمْ جَمَعُوا الْفَوَائِدَ الْمُسْتَنْبَطَةَ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَدَّى أَكْثَرَ نُجُومِهِ لَا يَعْتِقُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَكْثَرِ، وَأَنَّ مَنْ أَدَّى مِنَ النُّجُومِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ يُعْتَقُ، وَأَنَّ مَنْ أَدَّى بَعْضَ نُجُومِهِ لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى، لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَذِنَ فِي شِرَاءِ بَرِيرَةَ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ.

وَفِيهِ جَوَازُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ وَالرَّقِيقِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَأَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَيْسَ طَلَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ قَرِيبًا وَأَنَّ عِتْقَهَا لَيْسَ طَلَاقًا وَلَا فَسْخًا لِثُبُوتِ التَّخْيِيرِ، فَلَوْ طَلُقَتْ بِذَلِكَ وَاحِدَةً لَكَانَ لِزَوْجِهَا الرَّجْعَةُ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إِذْنِهَا، أَوْ ثَلَاثًا لَمْ يَقُلْ لَهَا لَوْ رَاجَعْتِهِ لِأَنَّهَا مَا كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ، وَأَنَّ بَيْعَهَا لَا يُبِيحُ لِمُشْتَرِيهَا وَطَأْهَا لِأَنَّ تَخْيِيرَهَا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ عُلْقَةِ الْعِصْمَةِ وَأَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ الِاكْتِسَابِ وَأَنَّ اكْتِسَابَهُ مِنْ حِينِ الْكِتَابَةِ يَكُونُ لَهُ جَوَازُ سُؤَالِ الْمُكَاتَبِ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى بَعْضِ نُجُومِهِ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي تَعْجِيزَهُ، وَجَوَازُ سُؤَالِ مَا لَا يُضْطَرُّ السَّائِلُ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ، وَجَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ، وَجَوَازُ تَصَرُّفِهَا فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، وَبَذْلِ الْمَالِ فِي طَلَبِ الْأَجْرِ حَتَّى فِي الشِّرَاءِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ بِالْعِتْقِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ شِرَاءِ مَنْ يَكُونُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ السِّلْعَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا لِأَنَّ عَائِشَةَ بَذَلَتْ نَقْدًا مَا جَعَلُوهُ نَسِيئَةً فِي تِسْعِ سِنِينَ لِحُصُولِ الرَّغْبَةِ فِي النَّقْدِ أَكْثَرَ مِنَ النَّسِيئَةِ، وَجَوَازُ السُّؤَالِ فِي الْجُمْلَةِ لِمَنْ يَتَوَقَّعُ الِاحْتِيَاجَ إِلَيْهِ فَتُحْمَلُ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي الزَّجْرِ عَنِ السُّؤَالِ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ.

وَفِيهِ جَوَازُ سَعْيِ الْمَرْقُوقِ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ وَلَوْ كَانَ بِسُؤَالِ مَنْ يَشْتَرِي لِيَعْتِقَ وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِسَيِّدِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَى الْعِتْقِ، وَفِيهِ بُطْلَانُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَصِحَّةُ الشُّرُوطِ الْمَشْرُوعَةِ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ ﷺ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي الشُّرُوطِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنِ اسْتَثْنَى خِدْمَةَ الْمَرْقُوقِ عِنْدَ بَيْعِهِ لَمْ يَصِحَّ شَرْطُهُ، وَأَنَّ مَنْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعُقُوبَةَ إِلَّا إِنْ عَلِمَ بِتَحْرِيمِهِ وَأَصَرَّ عَلَيْهِ، وَأَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ لَا يَمْنَعُهُ مِنَ السَّعْي فِي تَحْصِيلِ مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَوْ كَانَ حَقُّهُ فِي الْخِدْمَةِ ثَابِتًا، وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَدَّى نُجُومَهُ مِنَ الصَّدَقَةِ لَمْ يَرُدَّهَا السَّيدُ وَإِذَا أَدَّى نُجُومَهُ قَبْلَ حُلُولِهَا كَذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ مَوَالِي بَرِيرَةَ إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ فِي قَبُولِ تَعْجِيلِ مَا اتَّفَقُوا عَلَى تَأْجِيلِهِ وَمِنْ لَازِمِهِ حُصُولُ الْعِتْقِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ تَبَرَّعَ عَنِ الْمُكَاتَبِ بِمَا عَلَيْهِ عَتَقَ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوَضْعِ عَنِ الْمُكَاتَبِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ أَعُدُّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ يُنْكَرْ، وَأُجِيبَ بِجَوَازِ قَصْدِ دَفْعِهِمْ لَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ. وَفِيهِ جَوَازُ إِبْطَالِ الْكِتَابَةِ وَفَسْخِ عَقْدِهَا إِذَا تَرَاضَى السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِبْطَالُ التَّحْرِيرِ لِتَقْرِيرِ بَرِيرَةَ عَلَى السَّعْيِ بَيْنَ عَائِشَةَ وَمَوَالِيهَا فِي فَسْخِ كِتَابَتِهَا لِتَشْتَرِيَهَا عَائِشَةُ.

وَفِيهِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عِدَّةُ مَسَائِلَ كَعِتْقِ السَّائِبَةِ، وَاللَّقِيطِ، وَالْحَلِيفِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ كَثُرَ بِهَا الْعَدَدُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ. وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْخُطْبَةِ فِي الْأَمْرِ الْمُهِمِّ وَالْقِيَامُ فِيهَا، وَتَقْدِمَةُ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ، وَقَوْلُ أَمَّا بَعْدُ، عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْكَلَامِ فِي الْحَاجَةِ، وَأَنَّ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ مَا يُنْكَرُ اسْتُحِبَّ عَدَمُ تَعْيِينِهِ ; وَأَنَّ اسْتِعْمَالَ السَّجْعِ فِي الْكَلَامِ لَا يُكْرَهُ إِلَّا إِذَا قَصَدَ إِلَيْهِ وَوَقَعَ مُتَكَلَّفًا. وَفِيهِ جَوَازُ الْيَمِينِ فِيمَا لَا تَجِبُ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ، وَأَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِأَنَّ عَائِشَةَ حَلَفَتْ أَنْ لَا تَشْتَرِطَ ثُمَّ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: اشْتَرِطِي، وَلَمْ يَنْقُلْ كَفَّارَةً. وَفِيهِ مُنَاجَاةُ الِاثْنَيْنِ بِحَضْرَةِ الثَّالِثِ فِي الْأَمْرِ يَسْتَحِي مِنْهُ الْمُنَاجِي وَيَعْلَمُ أَنَّ مَنْ نَاجَاهُ يُعْلِمُ الثَّالِثَ بِهِ، وَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنَ النَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ، وَفِيهِ جَوَازُ سُؤَالِ الثَّالِثِ عَنِ الْمُنَاجَاةِ الْمَذْكُورَةِ إِذَا ظَنَّ أَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا بِهِ وَجَوَازُ