للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِنْتُ الْحَارِثِ وَذَكَرَهَا ابْنُ سَعْدٍ فِي الْمُهَاجِرَاتِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ إِسْحَاقَ عِنْدَ أَحْمَدَ سُبَيْعَةُ بِنْتُ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ أَبُو بَرْزَةَ آخَرُ غَيْرُ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ، وَهُوَ إِمَّا كُنْيَةٌ لِلْحَارِثِ وَالِدِ سُبَيْعَةَ أَوْ نُسِبَتْ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ إِلَى جَدٍّ لَهَا.

قَوْلُهُ: (كَانَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا) تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ أَيْضًا تَسْمِيَتُهُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ وَفِيهِ أَنَّهُ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَثَبَتَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ حُلَفَائِهِمْ.

قَوْلُهُ: (تُوُفِّيَ عَنْهَا) تَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، وَتَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ قُتِلَ، وَمُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَوَقَعَ لِلْكِرْمَانِيِّ: لَعَلَّ سُبَيْعَةَ قَالَتْ: قُتِلَ، بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ مِنْهَا فِي ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ، وَهَذَا الْجَمْعُ يَمُجُّهُ السَّمْعُ، وَإِذَا ظَنَّتْ سُبَيْعَةُ أَنَّهُ قُتِلَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ فَكَيْفَ تَجْزِمُ بَعْدَ دَهْرٍ طَوِيلٍ بِأَنَّهُ قُتِلَ؟ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا قُتِلَ إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً تَرَجَّحَتْ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِي مَاتَ أَوْ تُوُفِّيَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قُتِلَ فَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ.

قَوْلُهُ: (فَخَطَبَهَا أَبُو السَّنَابِلِ) بِمُهْمَلَةٍ وَنُونٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ جَمْعُ سُنْبُلَةٍ، اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ: عَمْرٌو قَالَهُ ابْنُ الْبَرْقِيِّ، عَنِ ابْنِ هِشَامٍ عَمَّنْ يَثِقُ بِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقِيلَ: عَامِرٌ رُوِيَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقِيلَ: حَبَّةُ بِمُوَحَّدَةٍ بَعْدَ الْمُهْمَلَةِ، وَقِيلَ: بِنُونٍ، وَقِيلَ: لَبَيْدَرَيْهِ، وَقِيلَ: أَصْرَمُ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ، وَقِيلَ: بَغِيضٌ.

قُلْتُ: وَهُوَ غَلَطٌ وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ سُئِلَ عَنِ اسْمِهِ فَقَالَ: بَغِيضٌ يَسْأَلُ عَنْ بَغِيضٍ، فَظَنَّ الشَّارِحُ أَنَّهُ اسْمُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ فِي بَقِيَّةِ الْخَبَرِ اسْمُهُ لَبَيْدَرَيْهِ، وَجَزَمَ الْعَسْكَرِيُّ بِأَنَّ اسْمَهُ كُنْيَتُهُ، وَبَعْكَكُ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ كَافَيْنِ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمِيلَةَ بْنِ السَّبَّاقِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَكَذَا نَسَبَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَقِيلَ: هُوَ ابْنُ بَعْكَكَ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ السَّبَّاقِ نَقَلَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ: وَكَانَ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ وَسَكَنَ الْكُوفَةَ، وَكَانَ شَاعِرًا، وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَا السَّنَابِلِ عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ ، كَذَا قَالَ، لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ بَقِيَ بَعْدَ النَّبِيِّ زَمَنًا، وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ أَنَّهُ سَكَنَ الْكُوفَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ خَلِيفَةَ قَالَ: أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى مَاتَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهُ عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ قَوْلُ ابْنُ الْبَرْقِيِّ: أَنَّ أَبَا السَّنَابِلِ تَزَوَّجَ سُبَيْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَوْلَدَهَا سَنَابِلَ، بْنَ أَبِي السَّنَابِلِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَبُو السَّنَابِلِ عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ ، لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا تَزَوَّجَتِ الشَّابَّ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ فَتًى مِنْ قَوْمِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ قِصَّتَهَا كَانَتْ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَيَحْتَاجُ -

إِنْ كَانَ الشَّابُّ دَخَلَ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا - إِلَى زَمَانِ عِدَّةٍ مِنْهُ ثُمَّ إِلَى زَمَانِ الْحَمْلِ حَتَّى تَضَعَ وَتَلِدَ سَنَابِلَ حَتَّى صَارَ أَبُوهُ يُكَنَّى بِهِ أَبَا السَّنَابِلِ، وَقَدْ أَفَادَ مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ بَشْكُوَالَ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّ اسْمَ الشَّابِّ - الَّذِي خَطَبَ سُبَيْعَةَ هُوَ وَأَبُو السَّنَابِلِ فَآثَرَتْهُ عَلَى أَبِي السَّنَابِلِ - أَبُو الْبَشَرِ بْنُ الْحَارِثِ، وَضَبْطُهُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ قِصَّةَ سُبَيْعَةَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ عِنْدَ أَبِي السَّنَابِلِ بِسَنَدٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ إِلَى الْأَسْوَدِ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَمْ يُوصَفْ بِالتَّدْلِيسِ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي اشْتِرَاطِ ثُبُوتِ اللِّقَاءِ وَلَوْ مَرَّةً فَلِهَذَا قَالَ مَا نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَهُ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ فَخَطَبَهَا رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا شَابٌّ وَكَهْلٌ، فَحَطَّتْ إِلَى الشَّابِّ، فَقَالَ الْكَهْلُ لَمْ تَحِلِّي، وَكَانَ أَهْلُهَا غُيَّبًا فَرَجَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا.

قَوْلُهُ: (فَقَالَتْ وَاللَّهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ تَنْكِحِيهِ