للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَتَّى تَعْتَدِّي آخِرَ الْأَجَلَيْنِ، فَمَكَثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ ثُمَّ جَاءَتِ النَّبِيَّ فَقَالَ انْكِحِي) قَالَ عِيَاضٌ: هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا يَصْلُحُ إِلَّا لِابْنِ السَّكَنِ فَعِنْدَهُ فَقَالَ مَكَانُ فَقَالَتْ وَهُوَ الصَّوَابُ. قُلْتُ: وَكَذَا فِي الْأَصْلِ الَّذِي عِنْدَنَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ مَشَايِخِهِ، بَلْ قَالَ ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ فَقَالَ إِلَّا عِنْدَ الْقَابِسِيِّ فَقَالَتْ بِزِيَادَةِ التَّاءِ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِمَّا قَالَ عِيَاضٌ. ثُمَّ قَالَ عِيَاضٌ: وَالْحَدِيثُ مَبْتُورٌ نَقَصَ مِنْهُ قَوْلُهَا فَنُفِسَتْ بَعْدَ لَيَالٍ فَخُطِبَتْ إِلَخْ. قُلْتُ: قَدْ ثَبَتَ الْمَحْذُوفُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مِلْحَانَ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَلَفْظُهُ فَمَكَثَتْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةٍ ثُمَّ نُفِسَتْ وَقَدْ وَقَعَ لِلْبُخَارَيَّ اخْتِصَارُ الْمَتْنِ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ بِأَبْلَغَ مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ مِنْهُ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِ أَرْقَمَ أَنْ يَسْأَلَ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ كَيْفَ أَفْتَاهَا النَّبِيُّ ؟ فَقَالَتْ: أَفْتَانِي إِذَا حَلَلْتُ أَنْ أَنْكِحَ فَأَبْهَمَ اسْمَ ابْنِ أَرْقَمَ وَنَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ كَمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ وَطَوَى ذِكْرَ أَكْثَرِ الْقِصَّةِ وَتَقْدِيرُهُ: فَأَتَاهَا فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرْتُهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْجَوَابُ: إِنِّي سَأَلْتُهَا فَذَكَرْتُ الْقِصَّةَ، وَفِي آخِرِهَا فَقَالَتْ إِلَخْ.

وَقَدْ وَقَعَ بَيَانُهُ وَاضِحًا فِي تَفْسِيرِ الطَّلَاقِ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَفِيهِ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ؟ فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إِنْ بَدَا لِي. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ فَمَكَثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ ثُمَّ جَاءَتِ النَّبِيَّ قَدْ يُخَالِفُ فِي الظَّاهِرِ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْمَذْكُورَةِ فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلِيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا تَوَجَّهَتْ إِلَى النَّبِيِّ فِي مَسَاءِ الْيَوْمِ الَّذِي قَالَ لَهَا فِيهِ أَبُو السَّنَابِلِ مَا قَالَ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهَا: حِينَ أَمْسَيْتُ، عَلَى إِرَادَةِ وَقْتِ تَوَجُّهِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَالَ لَهَا فِيهِ مَا قَالَ.

قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ: (إنَّ سُبَيْعَةَ نُفِسَتْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ وَلَدَتْ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ) كَذَا أَبْهَمَ الْمُدَّةَ، وَكَذَا في رواية سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِثْلُهُ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التيمي، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ سُبَيْعَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ فَلَمْ أَمْكُثْ إِلَّا شَهْرَيْنِ حَتَّى وَضَعْتُ وَفِي رِوَايَةِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ فَوَلَدْتُ لِأَدْنَى مِنْ أربعة أشهر وَهَذَا أَيْضًا مُبْهَمٌ، وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْمَاضِيَةِ فِي تَفْسِيرِ الطَّلَاقِ فَوَضَعْتُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةٍ كَذَا فِي رِوَايَةِ شَيَّبَانَ عَنْهُ، وفي رِوَايَةِ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِعِشْرِينَ لَيْلَةً وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بعشرين ليلة أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ وَوَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ فَوَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا أَوْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا كَذَا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِبِضْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَكَأَنَّ الرَّاوِيَ أَلْغَى الشَّكَّ وَأَتَى بِلَفْظٍ يَشْمَلُ الْأَمْرَيْنِ.

وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ بنصف شَهْرٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ بِلَفْظِ خَمْسَةَ عَشَرَ، نِصْفِ شَهْرٍ وَكَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، والْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ متعذر لاتحاد الْقِصَّةِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِبْهَامِ مَنْ أَبْهَمَ الْمُدَّةَ، إِذْ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَنَّ تَضَعَ لِدُونِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ