للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ وَيُدْمَى إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ وَيُسَمَّى وَأَنَّ قَتَادَةَ ذَكَرَ الدَّمَ حَاكِيًا عَمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَصْنَعُونَهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يُحْتَمَلُ هَمَّامٌ فِي هَذَا الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ حَفِظَهُ فَهُوَ مَنْسُوخٌ اهـ. وَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ حَزْمٍ رِوَايَةَ هَمَّامٍ وَحَمَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلُهُ وَيُسَمَّى عَلَى التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ، لِمَا أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ يُسَمَّى عَلَى الْعَقِيقَةِ كَمَا يسَمَّى عَلَى الْأُضْحِيَّةِ: بِسْمِ اللَّهِ عَقِيقَةُ فُلَانٍ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ نَحْوُهُ وَزَادَ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، عَقِيقَةُ فُلَانٍ، بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ يذَبَحَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ: يُسَمَّى يَوْمَ يُعَقُّ عَنْهُ ثُمَّ يُحْلَقُ، وَكَانَ يَقُولُ: يُطْلَى رَأْسُهُ بِالدَّمِ.

وَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا عَقُّوا عَنِ الصَّبِيِّ خَضَّبُوا قُطْنَةً بِدَمِ الْعَقِيقَةِ، فَإِذَا حَلَقُوا رَأْسَ الصَّبِيِّ وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ اجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا زَادَ أَبُو الشَّيْخِ وَنَهَى أَنْ يُمَسَّ رَأْسُ الْمَوْلُودِ بِدَمٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ يُعَقُّ عَنِ الْغُلَامِ، وَلَا يُمَسُّ رَأْسُهُ بِدَمٍ وَهَذَا مُرْسَلٌ، فَإِنَّ يَزِيدَ لَا صُحْبَةَ لَهُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَالُوا إِنَّهُ مُرْسَلٌ، وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِرَفْعِهِ، قَالَ فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ وَهَذَا شَاهِدٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلِهَذَا كَرِهَ الْجُمْهُورُ التَّدْمِيَةَ.

وَنَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ اسْتِحْبَابَ التَّدْمِيَةِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءٍ وَلَمْ يَنْقُلِ ابْنُ الْمُنْذِرِ اسْتِحْبَابَهَا إِلَّا عَنِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، بَلْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ التَّدْمِيَةَ، وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّسْمِيَةِ وَآدَابِهَا فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ مُرْتَهِنٌ بِعَقِيقَتِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا، وَأَجْوَدُ مَا قِيلَ فِيهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: هَذَا فِي الشَّفَاعَةِ، يُرِيدُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ فَمَاتَ طِفْلًا لَمْ يَشْفَعْ فِي أَبَوَيْهِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَقِيقَةَ لَازِمَةٌ لَا بُدَّ مِنْهَا، فَشَبَّهَ الْمَوْلُودَ فِي لُزُومِهَا وَعَدَمِ انْفِكَاكِهِ مِنْهَا بِالرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَهَذَا يُقَوِّي قَوْلَ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ، وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّهُ مَرْهُونٌ بِأَذَى شَعْرِهِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى اهـ وَالَّذِي نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ قَالَهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ أَسْنَدَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَخْرَجَ ابْنُ حَزْمٍ، عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يُعْرَضُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْعَقِيقَةِ كَمَا يُعْرَضُونَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَهَذَا لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ قَوْلًا آخَرَ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْعَقِيقَةِ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَمِثْلُهُ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ. وَقَوْلُهُ يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْعَقِيقَةَ مُؤَقَّتَةٌ بِالْيَوْمِ السَّابِعِ، وَأَنَّ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعِ الْمَوْقِعَ، وَأَنَّهَا تَفُوتُ بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَقَالَ أَيْضًا: إِنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ السَّابِعِ سَقَطَتِ الْعَقِيقَةُ.

وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ: إنَّ مَنْ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الْأَوَّلِ عُقَّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الثَّانِي، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَقَّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الثَّالِثِ. وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ تُذْبَحَ الْعَقِيقَةُ يَوْمَ السَّابِعِ، فَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ فَيَوْمُ الرَّابِعِ عَشَرَ، فَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ عَقَّ عَنْهُ يَوْمَ أَحَدَ وَعِشْرِينَ وَلَمْ أَرَ هَذَا صَرِيحًا إِلَّا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيِّ، وَنَقَلَهُ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ. وَوَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْمَاعِيلُ ضَعِيفٌ، وَذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي اعْتِبَارِ الْأَسَابِيعِ بَعْدَ ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ ذِكْرَ الْأَسَابِيعِ لِلِاخْتِيَارِ لَا لِلتَّعْيِينِ، فَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْوِلَادَةِ، قَالَ: وَذِكْرُ السَّابِعِ فِي الْخَبَرِ بِمَعْنَى أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْهُ اخْتِيَارًا، ثُمَّ قَالَ: