٥٥٣٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَيْتَ مَيْمُونَةَ، فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ، فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ، فَقَالُوا: هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ. قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنْظُرُ.
قَوْلُهُ (بَابُ الضَّبِّ) هُوَ دُوَيْبَةٌ تُشْبِهُ الْجِرْذَوْنَ، لَكِنَّهُ أَكْبَرُ مِنَ الْجِرْذَوْنِ، وَيُكَنَّى أَبَا حِسْلٍ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ سَاكِنَةٍ، وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى ضَبَّةٌ، وَبِهِ سُمِّيَتِ الْقَبِيلَةُ، وَبِالْخِيفِ مِنْ مِنًى جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ ضَبٌّ، وَالضَّبُّ دَاءٌ فِي خُفِّ الْبَعِيرِ، وَيُقَالُ إِنَّ لِأَصْلِ ذَكَرِ الضَّبِّ فَرْعَيْنِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: لَهُ ذَكَرَانِ. وَذَكَرَ ابْنُ خَالَوَيْهِ أَنَّ الضَّبَّ يَعِيشُ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ، وَأَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ، وَيَبُولُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَطْرَةً، وَلَا يَسْقُطُ لَهُ سِنٌّ، وَيُقَالُ بَلْ أَسْنَانُهُ قِطْعَةٌ وَاحِدَةٌ، وَحَكَى غَيْرُهُ أَنَّ أَكْلَ لَحْمِهِ يُذْهِبُ الْعَطَشَ، وَمِنَ الْأَمْثَالِ لَا أَفْعَلُ كَذَا حَتَّى يَرِدَ الضَّبُّ يَقُولُهُ مَنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَفْعَلَ الشَّيْءَ لِأَنَّ الضَّبَّ لَا يَرِدُ بَلْ يَكْتَفِي بِالنَّسِيمِ وَبَرْدِ الْهَوَاءِ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ جُحْرِهِ فِي الشِّتَاءِ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ: الْأَوَّلُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ (الضَّبُّ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ) كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِلَفْظِ سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ: لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ وَمِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ زَادَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ نَافِعٍ أَيْضًا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهَذَا السَّائِلُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خُزَيْمَةَ بْنَ جَزْءٍ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ، قَالَ: قُلْتُ فَإِنِّي آكُلُ مَا لَمْ تُحَرِّمْ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ. وَعِنْدَ مُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا بِأَرْضٍ مُضِبَّةٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ أَمَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ، فَلَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَنْهَ وَقَوْلُهُ مُضِبَّةٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ كَثِيرَةُ الضِّبَابِ، وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِثَابِتِ بْنِ وَدِيعَةَ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ قَالَ: أَصَبْتُ ضِبَابًا فَشَوَيْتُ مِنْهَا ضَبًّا، فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأَخَذَ عُودًا فَعَدَّ بِهِ أَصَابِعَهُ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ فِي الْأَرْضِ، وَإِنِّي لَا أَدْرِي أَيُّ الدَّوَابِّ هِيَ، فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَنْهَ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي.
قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ) أَيِ ابْنِ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيِّ، لَهُ رُؤْيَةٌ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَتَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي أَوَائِلِ الْأَطْعِمَةِ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ.
قَوْلُهُ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ) فِي رِوَايَةِ يُونُسَ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَيْفُ اللَّهِ أَخْبَرَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ هَلْ هُوَ مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ مِنْ مُسْنَدِ خَالِدٍ، وَكَذَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مَالِكٍ فَقَالَ الْأَكْثَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالِدٍ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَطَائِفَةٌ عَنْ مَالِكٍ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَخَالِدٍ أَنَّهُمَا دَخَلَا، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدٌ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ وَنَحْنُ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ بِضَبَّيْنِ مَشْوِيَّيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute