للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَقْرَانِ الطَّبَقَةِ الْوُسْطَى مِنْ شُيُوخِهِ، وَمَا لَهُ عِنْدَهُ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَالِيًا بِالنِّسْبَةِ لِرِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَذِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ …

فَذَكَرَهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ شَيْخُهُ خَوْلَانِيٌّ حِمْصِيٌّ كَانَ كَاتِبًا لِلزُّبَيْدِيِّ شَيْخِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؟ وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ.

(تَنْبِيهٌ):

اجْتَمَعَ فِي هَذَا السَّنَدِ مِنَ الْبُخَارِيِّ إِلَى الزُّهْرِيِّ سِتَّةُ أَنْفُسٍ فِي نَسَقِ كُلٍّ مِنْهُمُ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، وَإِذَا رَوَيْنَا الصَّحِيحَ مِنْ طَرِيقِ الْفَرَاوِيُّ، عَنِ الْحَفْصِيِّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ كَانُوا عَشْرَةً.

قَوْلُهُ: (رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا، وَوَقَعَ فِي مُسْلِمٍ قَالَ لِجَارِيَةٍ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ.

قَوْلُهُ: (فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُورُ ضَمُّهَا وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ وَحَكَى عِيَاضٌ ضَمَّ أَوَّلِهِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: هُوَ سَوَادٌ فِي الْوَجْهِ، وَمِنْهُ سَفْعَةُ الْفَرَسِ: سَوَادُ نَاصِيَتِهِ، وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ: حُمْرَةٌ يَعْلُوهَا سَوَادٌ، وَقِيلَ: صُفْرَةٌ، وَقِيلَ: سَوَادٌ مَعَ لَوْنٍ آخَرَ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: لَوْنٌ يُخَالِفُ لَوْنَ الْوَجْهِ، وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ بِوَجْهِهَا مَوْضِعًا عَلَى غَيْرِ لَوْنِهِ الْأَصْلِيِّ، وَكَأَنَّ الِاخْتِلَافَ بِحَسَبِ اللَّوْنِ الْأَصْلِيِّ، فَإِنْ كَانَ أَحْمَرَ فَالسَّفْعَةُ سَوَادٌ صِرْفٌ، وَإِنْ كَانَ أَبْيَضَ فَالسَّفْعَةُ صُفْرَةٌ وَإِنْ كَانَ أَسْمَرَ فَالسَّفْعَةُ حُمْرَةٌ يَعْلُوهَا سَوَادٌ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْبَارِعِ فِي اللُّغَةِ أَنَّ السَّفْعَ سَوَادُ الْخَدَّيْنِ مِنَ الْمَرْأَةِ الشَّاحِبَةِ، وَالشُّحُوبُ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ: تَغَيُّرُ اللَّوْنِ بِهُزَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ، وَتُطْلَقُ السَّفْعَةُ عَلَى الْعَلَامَةِ، وَمِنْهُ بِوَجْهِهَا سَفْعَةُ غَضَبٍ. وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى تَغَيُّرِ اللَّوْنِ، وَأَصْلُ السَّفْعِ الْأَخْذُ بِقَهْرٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ وَيُقَالُ: إنَّ أَصْلَ السَّفْعِ الْأَخْذُ بِالنَّاصِيَةِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهَا، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا: لَنُعَلِّمَنَّهُ بِعَلَامَةِ أَهْلِ النَّارِ مِنْ سَوَادِ الْوَجْهِ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَنُذِلَّنَّهُ، ويمْكِنُ رَدُّ الْجَمِيعِ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ؛ فَإِنَّهُ إِذَا أُخِذَ بِنَاصِيَتِهِ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ أَذَلَّهُ وَأَحْدَثَ لَهُ تَغَيُّرَ لَوْنِهِ فَظَهَرَتْ فِيهِ تِلْكَ الْعَلَامَةُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: قَوْمٌ أَصَابَهُمْ سَفْعٌ مِنَ النَّارِ.

قَوْلُهُ: (اسْتَرْقُوا لَهَا) بِسُكُونِ الرَّاءِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ) بِسُكُونِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: فَقَالَ إِنَّ بِهَا نَظْرَةً فَاسْتَرْقُوا لَهَا، يَعْنِي بِوَجْهِهَا صُفْرَةٌ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَا عَرَفْتُ قَائِلَهُ إِلَّا أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ الزُّهْرِيُّ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ عِيَاضٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ، وَتَوْجِيهُهُ مَا قَدَّمْتُهُ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالنَّظْرَةِ فَقِيلَ: عَيْنٌ مِنْ نَظَرِ الْجِنَّ، وَقِيلَ: مِنَ الْإِنْسِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهَا أُصِيبَتْ بِالْعَيْنِ فَلِذَلِكَ أَذِنَ فِي الِاسْتِرْقَاءِ لَهَا، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الرُّقْيَةِ مِنَ الْعَيْنِ عَلَى وَفْقِ التَّرْجَمَةِ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ) يَعْنِي الْحِمْصِيَّ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو يُوسُفَ (عَنِ الزُّبَيْدِيِّ) أَيْ عَلَى وَصْلِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ:، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنِ النَّبِيِّ يَعْنِي لَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِهِ زَيْنَبَ وَلَا أُمَّ سَلَمَةَ، فَأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزَّهْرِيَّاتِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ، مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ الْحِمْصِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْحِمْصِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا، وَأَمَّا رِوَايَةُ عُقَيْلٍ فَرَوَاهَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُقَيْلٍ وَلَفْظُهُ: إنَّ جَارِيَةً دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: كَأَنَّ بِهَا سَفْعَةً أَوْ خُطِرَتْ بِنَارٍ، هَكَذَا وَقَعَ لَنَا مَسْمُوعًا فِي جُزْءٍ مِنْ فَوَائِدِ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ طَاهِرٍ بِسَنَدِهِ إِلَى ابْنِ وَهْبٍ، وَرَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ أَيْضًا، وَوَجَدْتُهُ فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِهِ، لَكِنْ زَادَ فِيهِ عَائِشَةَ بَعْدَ عُرْوَةَ، وَهُوَ وَهْمٌ فِيمَا أَحْسَبُ، وَوَجَدْتُهُ فِي جَامِعِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِجَارِيَةٍ …

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَاعْتَمَدَ الشَّيْخَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ الزُّبَيْدِيِّ لِسَلَامَتِهَا مِنَ الِاضْطِرَابِ، وَلَمْ يَلْتَفِتَا إِلَى تَقْصِيرِ يُونُسَ فِيهِ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْأَوْزَاعِيَّ يُفَضِّلُ الزُّبَيْدِيَّ عَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، يَعْنِي فِي الضَّبْطِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُلَازِمُهُ كَثِيرًا حَضَرًا وَسَفَرًا، وَقَدْ