للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هُوَ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ كَمَا تَقَدَّمَ، واسمه نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ نُوحِ بْنِ مَخْلَدٍ الضُّبَعِيُّ بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، مِنْ بَنِي ضُبَيْعَةَ أَوَّلَهُ مُصَغَّرًا، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّشَاطِيُّ، وَفِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ بَطْنٌ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو ضُبَيْعَةَ أَيْضًا، وَقَدْ وَهَمَ مَنْ نَسَبَ أَبَا جَمْرَةَ إِلَيْهِمْ مِنْ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ، فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَنْدَهْ فِي تَرْجَمَةِ نُوحِ بْنِ مَخْلَدٍ جَدِّ أَبِي جَمْرَةَ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ ضُبَيْعَةِ رَبِيعَةَ. فَقَالَ: خَيْرُ رَبِيعَةَ عَبْدُ الْقَيْسِ ثُمَّ الْحَيُّ الَّذِينَ أَنْتَ مِنْهُمْ.

قَوْلُهُ: (كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ) بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ فِي الْعِلْمِ مِنْ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ السَّبَبَ فِي إِكْرَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَهُ وَلَفْظُهُ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: أَصْلُ التَّرْجَمَةِ التَّعْبِيرُ عَنْ لُغَةٍ بِلُغَةٍ، وهو عِنْدِي هُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ كَانَ يُبَلِّغُ كَلَامَ ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَى مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ وَيُبَلِّغُهُ كَلَامَهُمْ، إِمَّا لِزِحَامٍ أَوْ لِقُصُورِ فَهْمٍ. قُلْتُ: الثَّانِي أَظْهَرُ ; لِأَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَلَا فَرْقَ فِي الزِّحَامِ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ فِي صَدْرِ السَّرِيرِ، وَكَانَ أَبُو جَمْرَةَ فِي طَرَفِهِ الَّذِي يَلِي مَنْ يُتَرْجِمُ عَنْهُمْ، وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا جَمْرَةَ كَانَ يَعْرِفُ الْفَارِسِيَّةَ، فَكَانَ يُتَرْجِمُ لِابْنِ عَبَّاسٍ بِهَا، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَكْتَفِي فِي التَّرْجَمَةِ بِوَاحِدٍ. قُلْتُ: وَقَدْ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَحْكَامِ كَمَا سَيَأْتِي. وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ ابْنُ التِّينِ جَوَازَ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّعْلِيمِ لِقَوْلِهِ: حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي وَفِيهِ نَظَرٌ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ إِعْطَاؤُهُ ذَلِكَ كَانَ بِسَبَبِ الرُّؤْيَا الَّتِي رَآهَا فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ صَرِيحًا فِي الْحَجِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ أَصْلٌ فِي اتِّخَاذِ الْمُحَدِّثِ الْمُسْتَمْلِي.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ) بَيَّنَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ السَّبَبَ فِي تَحْدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لِأَبِي جَمْرَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَبَيْنَ النَّاسِ: فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ تَسْأَلُهُ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ، فَنَهَى عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنِّي أَنْتَبِذُ فِي جَرَّةٍ خَضْرَاءَ نَبِيذًا حُلْوًا فَأَشْرَبُ مِنْهُ فَتُقَرْقِرُ بَطْنِي، قَالَ: لَا تَشْرَبْ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ. وَلِلْمُصَنِّفِ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ لِي جَرَّةً أَنْتَبِذُ فِيهَا فَأَشْرَبُهُ حُلْوًا، إِنْ أَكْثَرْتُ مِنْهُ فَجَالَسْتُ الْقَوْمَ فَأَطَلْتُ الْجُلُوسَ خَشِيتُ أَنْ أَفْتَضِحَ، فَقَالَ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ فَلَمَّا كَانَ أَبُو جَمْرَةَ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَكَانَ حَدِيثُهُمْ يَشْتَمِلُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الْجِرَارِ نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَهُ لَهُ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَبْلُغْهُ نَسْخُ تَحْرِيمِ الِانْتِبَاذِ فِي الْجِرَارِ، وهو ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُفْتِي أَنْ يَذْكُرَ الدَّلِيلَ مُسْتَغْنِيًا بِهِ عَنِ التَّنْصِيصِ عَلَى جَوَابِ الْفُتْيَا إِذَا كَانَ السَّائِلُ بَصِيرًا بِمَوْضِعِ الْحُجَّةِ.

قَوْلُهُ: (لَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ قَالَ: مَنِ الْقَوْمُ، أَوْ مَنِ الْوَفْدُ؟) الشَّكُّ مِنْ أَحَدِ الرُّوَاةِ، إِمَّا أَبُو جَمْرَةَ أَوْ مَنْ دُونَهُ، وَأَظُنُّهُ شُعْبَةَ فَإِنَّهُ فِي رِوَايَةِ قُرَّةَ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ شَكٍّ. وَأَغْرَبَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ: الشَّكُّ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْوَفْدُ الْجَمَاعَةُ الْمُخْتَارَةُ لِلتَّقَدُّمِ فِي لُقِيِّ الْعُظَمَاءِ، وَاحِدُهُمْ وَافِدٌ. قَالَ: وَوَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ الْمَذْكُورُونَ كَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَاكِبًا كَبِيرُهُمْ الْأَشَجُّ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَسَمَّى مِنْهُمْ الْمُنْذِرَ بْنَ عَائِذٍ، وهو الْأَشَجُّ الْمَذْكُورُ، وَمُنْقِذَ بْنَ حِبَّانَ، وَمَزِيدَةَ (١)، بْنَ مَالِكٍ، وَعَمْرَو بْنَ مَرْحُومٍ، وَالْحَارِثَ بْنَ شُعَيْبٍ، وَعُبَيْدَةَ بْنَ هَمَّامٍ، وَالْحَارِثَ بْنَ جُنْدُبٍ، وَصُحَارَ بْنَ الْعَبَّاسٍ، وهو بِصَادٍ مَضْمُومَةٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ، قَالَ: وَلَمْ نَعْثُرْ بَعْدَ طُولِ التَّتَبُّعِ عَلَى أَسْمَاءِ الْبَاقِينَ. قُلْتُ: قَدْ ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْهُمْ عُقْبَةَ بْنَ جَرْوَةَ (٢)، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، قَيْسُ بْنُ النُّعْمَانَ الْعَبْدِيُّ، وَذَكَرَهُ الْخَطِيبُ أَيْضًا فِي الْمُبْهَمَاتِ، وَفِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ وَتَارِيخِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ الْجَهْمُ بْنُ قُثَمٍ، وَوَقَعَ


(١) في هامش طبعة بولاق: في نسخة"بريدة".
(٢) في هامش طبعة بولاق: في نسخة"عطية بن جروة"