للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذِكْرُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يُسَمِّهِ، وَفِي مُسْنَدَيْ أَحْمَدَ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ الرُّسْتُمِ الْعَبْدِيِّ، وَفِي الْمَعْرِفَةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ جُوَيْرِيَةُ الْعَبْدِيُّ، وَفِي الْأَدَبِ لِلْبُخَارِيِّ، الزَّارِعُ بْنُ عَامِرٍ الْعَبْدِيُّ. فَهَؤُلَاءِ السِّتَّةُ الْبَاقُونَ مِنَ الْعَدَدِ.

وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْوَفْدَ كَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَاكِبًا لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَهُ، وَفِي الْمَعْرِفَةِ لِابْنِ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ هُودٍ الْعَصْرِيِّ، وهو بِعَيْنٍ وَصَادٍ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ نِسْبَةً إِلَى عَصْرٍ بَطْنٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ مَزِيدَةَ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ إِذْ قَالَ لَهُمْ: سَيَطْلُعُ لَكُمْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ رَكْبٌ هُمْ خَيْرُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ فَقَامَ عُمَرُ فَلَقِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَاكِبًا فَرَحَّبَ وَقَرَّبَ وَقَالَ: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمَذْكُورِينَ كَانَ غَيْرَ رَاكِبٍ أَوْ مُرْتَدِفًا. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الدُّولَابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَيْرَةَ - بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّةِ وَبَعْدَ الرَّاءِ هَاءٌ - الصُّبَاحِيِّ - وهو بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ وَبَعْدَ الْأَلِفِ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ - نِسْبَةً إِلَى صُبَاحٍ بَطْنٍ مِنْ عَبْدِ الْقِيسِ قَالَ: كُنْتُ فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَكُنَّا أَرْبَعِينَ رَجُلًا فَنَهَانَا عَنِ الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ. . . الْحَدِيثَ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ كَانُوا رُءُوسَ الْوَفْدِ، وَلِهَذَا كَانُوا رُكْبَانًا، وَكَانَ الْبَاقُونَ أَتْبَاعًا.

وَقَدْ وَقَعَ فِي جُمْلَةٍ مِنَ الْأَخْبَارِ ذِكْرُ جَمَاعَةٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ زِيَادَةً عَلَى مَنْ سَمَّيْتُهُ هُنَا، مِنْهُمْ أَخُو الزَّارِعِ، واسمه مَطَرٌ وَابْنُ أُخْتِهِ وَلَمْ يُسَمَّ وَرَوَى ذَلِكَ الْبَغَوِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَمِنْهُمْ مُشَمْرَجٌ السَّعْدِيُّ رَوَى حَدِيثَهُ ابْنُ السَّكَنِ وَأَنَّهُ قَدِمَ مَعَ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَمِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَخُزَيْمَةُ بْنُ عَبْدِ بْنُ عَمْرٍو، وَهَمَّامُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَجَارِيَةُ أَوَّلُهُ جِيمٌ ابْنُ جَابِرٍ ذَكَرَهُمْ ابْنُ شَاهِينَ فِي مُعْجَمِهِ، وَمِنْهُمْ نُوحُ بْنُ مَخْلَدٍ جَدُّ أَبِي جَمْرَةَ وَكَذَا أَبُو خَيْرَةَ الصُّبَاحِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ. وَإِنَّمَا أَطَلْتُ فِي هَذَا الْفَصْلِ لِقَوْلِ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ إِنَّهُ لَمْ يَظْفَرْ - بَعْدَ طُولِ التَّتَبُّعِ - إِلَّا بِمَا ذَكَرَهُمْ. قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: فِي قَوْلِهِ مَنِ الْقَوْمُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ سُؤَالِ الْقَاصِدِ عَنْ نَفْسِهِ لِيُعْرَفَ فَيُنْزَلَ مَنْزِلَتَهُ.

قَوْلُهُ: (قَالُوا: رَبِيعَةُ) فِيهِ التَّعْبِيرُ عَنِ الْبَعْضِ بِالْكُلِّ لِأَنَّهُمْ بَعْضُ رَبِيعَةَ، وَهَذَا مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَإِنَّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقِ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ: فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الْحَيُّ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَالْمَعْنَى إِنَّا هَذَا الْحَيُّ حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ، قَالَ: وَالْحَيُّ هُوَ اسْمٌ لِمَنْزِلِ الْقَبِيلَةِ، ثُمَّ سُمِّيَتِ الْقَبِيلَةُ بِهِ ; لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَحْيَا بِبَعْضٍ.

قَوْلُهُ: (مَرْحَبًا) هُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، أَيْ: صَادَفْتُ رُحْبًا بِضَمِّ الرَّاءِ أَيْ سَعَةً، وَالرَّحْبُ بِالْفَتْحِ الشَّيْءُ الْوَاسِعِ، وَقَدْ يَزِيدُونَ مَعَهَا أَهْلًا، أَيْ وَجَدْتُ أَهْلًا فَاسْتَأْنِسْ، وَأَفَادَ الْعَسْكَرِيُّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَ مَرْحَبًا سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَأْنِيسِ الْقَادِمِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ ، فَفِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ: وَفِي قِصَّةِ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ: مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ وَفِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ مَرْحَبًا بِابْنَتِي وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ بَشِيرٍ الْحَارِثِيِّ، عن أبيه أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لَهُ لَمَّا دَخَلَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مَرْحَبًا وَعَلَيْكَ السَّلَامُ.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ خَزَايَا) بِنَصْبِ غَيْرِ عَلَى الْحَالِ، وَرُوِيَ بِالْكَسْرِ عَلَى الصِّفَةِ، وَالْمَعْرُوفُ الْأَوَّلُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ: مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ الَّذِينَ جَاءُوا غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى وَخَزَايَا جَمْعُ خَزْيَانَ، وهو الَّذِي أَصَابَهُ خِزْيٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا طَوْعًا مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ أَوْ سَبْيٍ يُخْزِيهِمْ وَيَفْضَحُهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَلَا نَدَامَى) قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَانَ أَصْلُهُ نَادِمِينَ جَمْعُ نَادِمٍ لِأَنَّ نَدَامَى إِنَّمَا هُوَ جَمْعُ نَدْمَانَ أَيِ: الْمُنَادِمُ فِي اللَّهْوِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:

فَإِنْ كُنْتَ نَدْمَانِي فَبِالْأَكْبَرِ اسْقِنِي

لَكِنَّهُ هُنَا خَرَجَ عَلَى الْإِتْبَاعِ كَمَا قَالُوا الْعَشَايَا وَالْغَدَايَا، وَغَدَاةٌ جَمْعُهَا الْغَدَوَاتُ لَكِنَّهُ أَتْبَعَ، انْتَهَى. وَقَدْ حَكَى الْقَزَّازُ، وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ يُقَالُ نَادِمٌ وَنَدْمَانُ فِي النَّدَامَةِ بِمَعْنًى،