قَوْلُهُ: (بَابُ رَحْمَةِ الْوَلَدِ وَقُبْلَتُهُ وَمُعَانَقَتُهُ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يَجُوزُ تَقْبِيلُ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ وَكَذَا الْكَبِيرُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً، وَتَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ فَاطِمَةَ ﵍ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُقَبِّلُهَا، وَكَذَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُقَبِّلُ ابْنَتَهُ عَائِشَةَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَخَذَ النَّبِيُّ ﷺ إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ) سَقَطَ هَذَا التَّعْلِيقُ لِأَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ طَرِيقِ قُرَيْشِ بْنِ حِبَّانَ، عَنْ ثَابِتٍ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ. وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ ابْنُ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ. ثم ذكر المصنف في الباب ستة أحاديث.
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (مَهْدِيٌّ) هُوَ ابْنُ مَيْمُونٍ، وَثَبَتَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ.
قَوْلُهُ: (ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي نُعْمٍ بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَاسْمُ أَبِيهِ لَا يُعْرَفُ، وَالسَّنَدُ كُلُّهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا بَصْرِيُّونَ، وَهُوَ كُوفِيُّ عَابِدٌ اتَّفَقُوا عَلَى تَوْثِيقِهِ، وَشَذَّ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فَحَكَى عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ ضَعَّفَهُ.
قَوْلُهُ: (كُنْتُ شَاهِدًا لِابْنِ عُمَرَ) أَيْ حَاضِرًا عِنْدَهُ.
قَوْلُهُ: (وَسَأَلَهُ رَجُلٌ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ، وَاسْمُ الرَّجُلِ السَّائِلِ مَا عَرَفْتُهُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ) تَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِبِ بِلَفْظِ الذُّبَابِ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ لَعَلَّهُ سَأَلَ عَنْهُمَا مَعًا. قُلْتُ: أَوْ أَطْلَقَ الرَّاوِي الذُّبَابَ عَلَى الْبَعُوضِ لِقُرْبِ شَبَهِهِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَعُوضِ مَعْنًى زَائِدٌ، قَالَ الْجَاحِظُ: الْعَرَبُ تُطْلِقُ عَلَى النَّحْلِ وَالدَّبْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ذُبَابًا.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ ﷺ) يَعْنِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ) هِيَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (رَيْحَانَتَايَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْحَمَوِيِّ رَيْحَانِي بِكَسْرِ النُّونِ وَالتَّخْفِيفِ عَلَى الْإِفْرَادِ وَكَذَا عِنْدَ النَّسَفِيِّ، وَلِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ رَيْحَانَتِي بِزِيَادَةِ تَاءِ التَّأْنِيثِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَهُوَ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ رَيْحَانَتَايَ. قُلْتُ: كَأَنَّهُ قَرَأَهُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْأَخِيرَةِ عَلَى التَّثْنِيَةِ فَجَعَلَهُ وَهْمًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ وَالتَّخْفِيفِ فَلَا يَكُونُ وَهْمًا، وَالْمُرَادُ بِالرَّيْحَانِ هُنَا الرِّزْقُ، قَالَهُ ابْنُ التِّينِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْفَائِقِ: أَيْ هُمَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ الَّذِي رَزَقَنِيهِ، يُقَالُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَرَيْحَانَهُ أَيْ أُسَبِّحُ اللَّهَ وَأَسْتَرْزِقَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الرَّيْحَانِ الْمَشْمُومَ، يُقَالُ: حَبَانِي بِطَاقَةِ رَيْحَانٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا مِمَّا أَكْرَمَنِي اللَّهُ وَحَبَانِي بِهِ، لِأَنَّ الْأَوْلَادَ يُشَمُّونَ وَيُقَبَّلُونَ فَكَأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الرَّيَاحِينِ.
وَقَوْلُهُ: مِنَ الدُّنْيَا أَيْ نَصِيبِي مِنَ الرَّيْحَانِ الدُّنْيَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ مَا هُوَ أَوْكَدُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ لِإِنْكَارِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَنْ سَأَلَهُ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ مَعَ تَرْكِهِ الِاسْتِغْفَارَ مِنَ الْكَبِيرَةِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا بِالْإِعَانَةِ عَلَى قَتْلِ الْحُسَيْنِ فَوَبَّخَهُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِعِظَمِ قَدْرِ الْحُسَيْنِ وَمَكَانِهِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ انْتَهَى. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ الرَّجُلَ بِعَيْنِهِ بَلْ أَرَادَ التَّنْبِيهَ عَلَى جَفَاءِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَغَلَبَةِ الْجَهْلِ عَلَيْهِمْ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْحِجَازِ، وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ ذَلِكَ أَفْتَى السَّائِلَ عَنْ خُصُوصِ مَا سَأَلَ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ كِتْمَانُ الْعِلْمِ إِلَّا إِنْ حُمِلَ السَّائِلَ مُتَعَنِّتًا. وَيُؤَكدُ مَا قُلْتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقِصَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ الْمَذْكُورَ كَانَ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ الْحُسَيْنِ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي قَوْلُهُ: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) أَيِ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَمَضَى فِي الزَّكَاةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ فَنَسَبَ أَبَاهُ لِجَدِّ أَبِيهِ وَإِدْخَالُ الزُّهْرِيِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُرْوَةَ رَجُلًا مِمَّا يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ قَلِيلُ التَّدْلِيسِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ مَعْمَرٍ بِإِسْقَاطِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مِنَ السَّنَدِ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ سَمِعَهُ مِنْ عُرْوَةَ مُخْتَصَرًا