للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَسَمِعَهُ عَنْهُ مُطَوَّلًا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ.

قَوْلُهُ: (جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ وَمَعَهَا بِنْتَانِ) لَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَائِهِنَّ، وَسَقَطَتِ الْوَاوُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَعَهَا وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا) زَادَ مَعْمَرٌ وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا شَيْئًا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ فَدَخَلَ النَّبِيُّ فَحَدَّثْتُهُ) هَكَذَا فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَائِشَةَ جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ تَمْرَةً إِلَى فمهَا لِتَأْكُلَهَا فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا فَنَشِقَتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ نَحْوِهِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مُرَادَهَا بِقَوْلِهِا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ أَخُصُّهَا بِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا فِي أَوَّلِ الْحَالِ سِوَى وَاحِدَةٍ فَأَعْطَتْهَا ثُمَّ وَجَدَتْ ثِنْتَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِتَحْتَانِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ أَوَّلَهُ مِنَ الْوِلَايَةِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِمُوَحَّدَةٍ مَضْمُومَةٍ مِنَ الْبَلَاءِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَيْضًا بِشَيْءٍ وَقَوَّاهُ عِيَاضٌ وَأَيَّدَهُ بِرِوَايَةِ شُعَيْبٍ بِلَفْظِ مَنِ ابْتُلِيَ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالِابْتِلَاءِ هَلْ هُوَ نَفْسُ وُجُودِهِنَّ أَوِ ابْتُلِيَ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُنَّ، وَكَذَلِكَ هَلْ هُوَ عَلَى الْعُمُومِ فِي الْبَنَاتِ، أَوِ الْمُرَادُ مَنِ اتَّصَفَ مِنْهُنَّ بِالْحَاجَةِ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ) هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ: مِنْ هَذِهِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى ابْنَتَيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ذَاتَيْ قَرَابَةٍ يَحْتَسِبُ عَلَيْهِمَا، الَّذِي يَقَعُ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ الْإِحْسَانِ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَجِيدِ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ، وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَكَذَا وَقَعَ فِي ابْنِ مَاجَهْ وَزَادَ وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِنَّ وَزَوَّجَهُنَّ وَأَحْسَنَ أَدَبَهُنَّ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَفِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ يُؤْوِيهِنَّ وَيَرْحَمُهُنَّ وَيَكْفُلُهُنَّ زَادَ الطَّبَرِيُّ فِيهِ وَيُزَوِّجُهُنَّ وَلَهُ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْأَوْسَطِ وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَفِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ يَجْمَعُهَا لَفْظُ الْإِحْسَانِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْإِحْسَانِ هَلْ يَقْتَصِرُ بِهِ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ أَوْ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ؟ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، فَإِنَّ عَائِشَةَ أَعْطَتِ الْمَرْأَةَ التَّمْرَةَ فَآثَرَتْ بِهَا ابْنَتَيْهَا فَوَصَفَهَا النَّبِيُّ بِالْإِحْسَانِ بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَعْرُوفًا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَوْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ عُدَّ مُحْسِنًا، وَالَّذِي يَقْتَصِرُ عَلَى الْوَاجِبِ وَإِنْ كَانَ يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مُحْسِنًا لَكِنِ الْمُرَادَ مِنَ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ قَدْرٌ

زَائِدٌ، وَشَرْطُ الْإِحْسَانِ أَنْ يُوَافِقَ الشَّرْعَ لَا مَا خَالَفَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّوَابَ الْمَذْكُورَ إِنَّمَا يَحْصُلُ لِفَاعِلِهِ إِذَا اسْتَمَرَّ إِلَى أَنْ يَحْصُلَ اسْتِغْنَاؤُهُنَّ عَنْهُ بِزَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِ حَالِهِ، وَقَدْ جَاءَ أَنَّ الثَّوَابَ الْمَذْكُورَ يَحْصُلُ لِمَنْ أَحْسَنَ لِوَاحِدَةٍ فَقَطْ، فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ: أَوِ اثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: أَوِ اثْنَتَيْنِ، وَفِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَقِيلَ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قُلْنَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ السَّائِلِينَ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَرَأَى بَعْضُ الْقَوْمِ أَنْ لَوْ قَالَ وَوَاحِدَةٌ لَقَالَ وَوَاحِدَةٌ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قُلْنَا: وَثِنْتَيْنِ؟ قَالَ: وَثِنْتَيْنِ. قُلْنَا: وَوَاحِدَةٌ؟ قَالَ: وَوَاحِدَةٌ، وَشَاهِدُهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَفَعَهُ مَنْ كَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ فَأَدَّبَهَا وَأَحْسَنَ أَدَبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمِهَا وَأَوْسَعَ عَلَيْهَا مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ الَّتِي أَوْسَعَ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ.

قَوْلُهُ: