وَفِي جَوَابِ النَّبِيِّ ﷺ لِلْأَقْرَعِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ تَقْبِيلَ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَهْلِ والْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأَجَانِبِ إِنَّمَا يَكُونُ لِلشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ لَا لِلَّذَّةِ وَالشَّهْوَةِ، وَكَذَا الضَّمُّ وَالشَّمُّ وَالْمُعَانَقَةُ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) هُوَ الْفِرْيَابِيُّ، وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ هِشَامٍ) هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ.
قَوْلُهُ: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَقْرَعَ الْمَذْكُورَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ التَّمِيمِيَّ ثُمَّ السَّعْدِيَّ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو الْفَرَجِ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي الْأَغَانِي مَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَذَكَرَ قِصَّةً فِيهَا فَهَلْ إِلَّا أَنْ تُنْزَعَ الرَّحْمَةَ مِنْكَ فَهَذَا أَشْبَهُ بِلَفْظِ حَدِيثِ عَائِشَةَ. وَوَقَعَ نَحْوَ ذَلِكَ لِعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْفَزَارِيِّ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: دَخَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَرَآهُ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنُ فَقَالَ: أَتُقَبِّلُهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ إِنَّ لِي عَشْرَةً فَمَا قَبَّلْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ ذَلِكَ لِجَمِيعِهِمْ فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَقَالُوا.
قَوْلُهُ: (تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِحَذْفِ أَدَاةِ الِاسْتِفْهَامِ، وَثَبَتَتْ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ.
قَوْلُهُ: (فَمَا نُقَبِّلُهُمْ) وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَوَاللَّهِ مَا نُقَبِّلُهُمْ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: لَكِنَّا وَاللَّهِ مَا نُقَبِّلُ.
قَوْلُهُ: (أَوَ أَمْلِكُ) هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ الْأُولَى لِلِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ وَمَعْنَاهُ النَّفْيُ، أَيْ لَا أَمْلِكُ، أَيْ لَا أَقْدِرُ أَنْ أَجْعَلَ الرَّحْمَةَ فِي قَلْبِكَ بَعْدَ أَنْ نَزَعَ
هَا اللَّهُ مِنْهُ. وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِحَذْفِ الِاسْتِفْهَامِ وَهِيَ مُرَادَةٌ، وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَمَا أَمْلِكُ وَلَهُ فِي أُخْرَى مَا ذَنْبِي إِنْ كَانَ إِلَخْ.
قَوْلُهُ: (أَنْ نَزَعَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا مَفْعُولُ أَمْلِكَ وَحَكَى بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ كَسْرَ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهَا شَرْطٌ وَالْجَزَاءُ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا تَقَدَّمَ، أَيْ إِنْ نَزَعَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِنْ قَلْبِكَ لَا أَمْلِكُ لَكَ رَدَّهَا إِلَيْهِ. وَوَقَعَ فِي قِصَّةِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ) هُوَ سَعِيدٌ، وَمَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَلَيْهِ. وَأَبُو غَسَّانَ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، وَالْإِسْنَادُ مِنْهُ فَصَاعِدًا مَدَنِيُّونَ.
قَوْلُهُ: (قُدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ سَبْيٌ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِسَبْيٍ وَبِضَمِّ قَافِ قُدِمَ وَهَذَا السَّبْيُ هُوَ سَبْيُ هَوَازِنَ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي) كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي، وَالسَّرَخْسِيِّ بِسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ تَحْلُبُ وَضَمِّ اللَّامِ وَثَدْيَهَا بِالنَّصْبِ وَتَسْقِي بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَبِقَافٍ مَكْسُورَةٍ، وَلِلْبَاقِينَ قَدْ تَحَلَّبَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ تَهَيَّأَ لِأَنْ يُحْلَبَ، وَثَدْيُهَا بِالرَّفْعِ فَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْإِفْرَادِ وَلِلْبَاقِينَ ثَدْيَاهَا بِالتَّثْنِيَةِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِسَقْيِ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَتَنْوِينِ التَّحْتَانِيَّةِ وَلِلْبَاقِينَ تَسْعَى بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ السَّعْيِ وَهُوَ الْمَشْيُ بِسُرْعَةٍ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحُلْوَانِيِّ، وَابْنِ عَسْكَرٍ كِلَاهُمَا عَنِ ابْن أَبِي مَرْيَمَ تَبْتَغِي بِمُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مِنَ الِابْتِغَاءِ وَهُوَ الطَّلَبُ، قَالَ عِيَاضٌ: وَهُوَ وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ مَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ. وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ كُلًّا مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ صَوَابٌ، فَهِيَ سَاعِيَةٌ وَطَالِبَةٌ لِوَلَدِهَا. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لإخَفَاءَ بِحُسْنِ رِوَايَةِ تَسْعَى وَوُضُوحِهَا، وَلَكِنْ لِرِوَايَةِ تَبْتَغِي وَجْهًا وَهُوَ تَطْلُبُ وَلَدَهَا، وَحُذِفَ الْمَفْعُولُ لِلْعِلْمِ بِهِ، فَلَا يُغَلَّطُ الرَّاوِي مَعَ هَذَا التَّوْجِيهِ.
قَوْلُهُ: (إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا) كَذَا لِلْجَمِيعِ وَلِمُسْلِمٍ، وَحُذِفَ مِنْهُ شَيْءٌ بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَلَفْظُهُ إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا أَخَذَتْهُ فَأَرْضَعَتْهُ فَوَجَدَتْ صَبِيًّا فَأَخَذَتْهُ فَأَلْزَمَتْهُ بَطْنَهَا وَعُرِفَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّهَا كَانَتْ فَقَدَتْ صَبِيَّهَا وَتَضَرَّرَتْ بِاجْتِمَاعِ اللَّبَنِ فِي ثَدْيهَا، فَكَانَتْ إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا أَرْضَعَتْهُ لِيَخِفَّ عَنْهَا، فَلَمَّا وَجَدَتْ صَبِيَّهَا بِعَيْنِهِ أَخَذَتْهُ فَالْتَزَمَتْهُ. وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الصَّبِيِّ وَلَا عَلَى اسْمِ أُمِّهِ.
قَوْلُهُ: (أَتُرَوْنَ)؟