ابْنُ التِّينِ: قَوْلُهَا أَنْ لَا أُكَلِّمَ تَقْدِيرُهُ عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ اهـ. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِحَذْفِ لَا، وَشَرَحَ عَلَيْهَا الْكِرْمَانِيُّ وَضَبَطَهَا بِالْكَسْرِ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ، قَالَ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ بِلَفْظِ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّذْرُ مُعَلَّقًا عَلَى كَلَامِهِ لَا أَنَّهَا نَذَرَتْ تَرْكَ كَلَامِهِ نَاجِزًا.
قَوْلُهُ: (فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا حِينَ طَالَتِ الْهِجْرَةُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي حَتَّى بَدَلَ حِينَ وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَلَى الصَّوَابِ، وزَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ فَطَالَتْ هِجْرَتُهَا إِيَّاهُ فَنَقَصَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ، فَاسْتَشْفَعَ بِكُلِّ جَدِيرٍ أَنَّهَا تُقْبِلُ عَلَيْهِ، وفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ فَاسْتَشْفَعَ عَلَيْهَا بِالنَّاسِ فَلَمْ تَقْبَلْ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالْمُهَاجِرِينَ، وَقَدْ أَخْرَجَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: فَذَكَرَ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: فَاسْتَشْفَعَ إِلَيْهَا بِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ حَدِيثٌ أَخْبَرْتِنِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّوْمِ فَوْقَ ثَلَاثٍ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَتْ: لَا وَالِلَّهِ لَا أُشَفِّعُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ الثَّقِيلَةِ.
قَوْلُهُ: (فِيهِ أَحَدًا) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَبَدًا بَدَلَ قَوْلِهِ أَحَدًا، وَجَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي) فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَلَا أَحْنَثُ فِي نَذْرِي، وَفِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا آثَمُ فِيهِ أَيْ فِي نَذْرِهَا أَوْ فِي ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَتَكُونُ فِي سَبَبِيَّةً.
قَوْلُهُ: (فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ)، أَمَّا الْمِسْوَرُ فَهُوَ ابْنُ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ، وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَجَدُّهُ يَغُوثُ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ، وَهُوَ ابْنُ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، يَجْتَمِعُ مَعَ الْمِسْوَرِ فِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، وَوُهَيْبٌ وَأُهَيْبٌ أَخَوَانِ، وَمَاتَ الْأَسْوَدُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَلَمْ يُسْلِمْ، وَمَاتَ النَّبِيُّ ﷺ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ صَغِيرٌ فَذُكِرَ فِي الصَّحَابَةِ، وَلَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرَ هَذَا الْمَوْضِعِ حَدِيثٌ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ الْمُتَقَدِّمَةِ: فَاسْتَشْفَعَ إِلَيْهَا بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَبِأَخْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَاصَّةً، وَقَدْ بَيَّنْتُ هُنَاكَ مَعْنَى هَذِهِ الْخُئُولَةِ وَصِفَةِ قَرَابَةِ بَنِي زُهْرَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.
قَوْلُهُ: (أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ لَمَا) بِالتَّخْفِيفِ وَمَا زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ التَّشْدِيدُ حَكَاهُ عِيَاضٌ، يَعْنِي إلَا، أَيْ لَا أَطْلُبُ إِلَّا الْإِدْخَالَ عَلَيْهَا، وَنَظَّرَهُ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ وَقَوْلِهِ تعالى: ﴿لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ فَقَدْ قُرِنا بِالْوَجْهَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَلَا أَدْخَلْتُمَانِي، زَادَ الْأَوْزَاعِيُّ فَسَأَلَهُمَا أَنْ يَشْتَمِلَا عَلَيْهِ بِأَرْدِيَتِهِمَا.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَإِنَّهُ وَالْهَاءُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي) لِأَنَّهُ كَانَ ابْنَ أُخْتِهَا، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تَتَوَلَّى تَرْبِيَتَهُ غَالِبًا.
قَوْلُهُ: (فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَتُ اللَّهِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ فِي الْأَوَّلِ مَفْتُوحَةً.
قَوْلُهُ: (أَنَدْخُلُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالُوا: كُلُّنَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ) فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَا: وَمَنْ مَعَنَا؟ قَالَتْ: وَمَنْ مَعَكُمَا.
قَوْلُهُ: (فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي) فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ فَبَكَى إِلَيْهَا وَبَكَتْ إِلَيْهِ وَقَبَّلَهَا، وَفِي رِوَايَتِهِ الْأُخْرَى عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَنَاشَدَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ اللَّهَ وَالرَّحِمَ.
قَوْلُهُ: (وَيَقُولَانِ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ نَهَى عَمَّا عَلِمْتِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَأنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ)، فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَهُوَ كَالتَّفْسِيرِ لِمَا قَبْلَهُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ وُرُودُ الْحَدِيثِ مَرْفُوعًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى كَحَدِيثَيْ أَنَسٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ اللَّذَيْنِ بَعْدَهُ، وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الْمَرْفُوعُ مِنَ الْحَدِيثِ، وَهُوَ هُنَا مِنْ مُسْنَدِ الْمِسْوَرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَعَائِشَةَ جَمِيعًا فَإِنَّهَا أَقَرَّتْهُمَا عَلَى ذَلِكَ،