للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِعْظَامًا لِاسْمِ النَّبِيِّ لِئَلَّا يُنْتَهَكَ. وَقَدْ كَانَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِمُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا مُحَمَّدُ، فَعَلَ اللَّهُ بِكَ وَفَعَلَ، فَدَعَاهُ وَقَالَ: لَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ يُسَبُّ بِكَ، فَغَيَّرَ اسْمَهُ. قُلْتُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى؛ نَظَرَ عُمَرُ إِلَى ابْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ - وَكَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا - وَرَجُلٌ يَقُولُ لَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِكَ يَا مُحَمَّدُ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: لَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ يَسُبُّ بِكَ، فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.

وَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي طَلْحَةَ وَهُمْ سَبْعَةٌ لِيُغَيِّرَ أَسْمَاءَهُمْ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ - وَهُوَ كَبِيرُهُمْ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمَّانِي النَّبِيُّ مُحَمَّدًا! فَقَالَ: قُومُوا فَلَا سَبِيلَ إِلَيْكُمْ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ ذَلِكَ. وَحَكَى غَيْرُهُ مَذْهَبًا خَامِسًا وَهُوَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فِي حَيَاتِهِ، التَّفْصِيلُ بَعْدَهُ بَيْنَ مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ، فَيَمْتَنِعُ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ، وَقَدْ وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُ الْمَذْهَبَ الثَّالِثَ الَّذِي ارْتَضَاهُ الرَّافِعِيُّ وَسماهُ النَّوَوِيُّ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ: مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يَكْتَنِي بِكُنْيَتِي، وَمَنِ اكْتَنَى بِكُنْيَتِي فَلَا يَتَسَمَّى بِاسْمِي لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ: إِذَا سَمَّيْتُمْ بِي فَلَا تُكَنُّوا بِي، وَإِذَا كَنَّيْتُمْ بِي فَلَا تُسَمُّوا بِي قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ مِثْلَ رِوَايَةِ هِشَامٍ، وَرَوَاهُ مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ. قُلْتُ: وَوَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو يَعْلَى، وَلَفْظُهُ: لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي.

وَللتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْهُ، وَلَفْظُهُ: إنَّ النَّبِيَّ نَهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ، وَقَالَ: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، اللَّهُ يُعْطِي وَأَنَا أَقْسِمُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَاخْتُلِفَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ وَعَلَى أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو، وَمُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، قُلْتُ: وَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي عَمْرَةَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ عَمِّهِ رَفَعَهُ: لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ أُسْبُوعَيْنِ، فَأُتِيَ بِي إِلَيْهِ فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي وَقَالَ: سَمُّوهُ بِاسْمِي وَلَا تُكَنُّوهُ بِكُنْيَتِي. وَرِوَايَةُ أَبِي زُرْعَةَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى بِلَفْظِ: مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يَكْتَنِي بِكُنْيَتِي. وَاحْتَجَّ لِلْمَذْهَبِ الثَّانِي بِمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ وُلِدَ لِي مِنْ بَعْدِكَ وَلَدٌ أُسَمِّيهِ بِاسْمِكَ وَأُكَنِّيهِ بِكُنْيَتِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: فَسَمَّانِي مُحَمَّدًا وَكَنَّانِي أَبَا الْقَاسِمِ.

وَكَانَ رُخْصَةً مِنَ النَّبِيِّ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَوَيْنَا هَذِهِ الرُّخْصَةَ فِي أَمَالِي الْجَوْهَرِيِّ وَأَخْرَجَهَا ابْنُ عَسَاكِرٍ فِي التَّرْجَمَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ طَرِيقِهِ وَسَنَدُهَا قَوِيٌّ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: فِي إِبَاحَةِ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ ثُمَّ تَكْنِيَةُ عَلِيٍّ وَلَدَهُ أَبَا الْقَاسِمِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لَا عَلَى التَّحْرِ مِ، قَالَ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى التَّحْرِيمِ لَأَنْكَرَهُ الصَّحَابَةُ وَلَمَا مَكَّنُوهُ أَنْ يُكَنِّي وَلَدَهُ أَبَا الْقَاسِمِ أَصْلًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا فَهِمُوا مِنَ النَّهْيِ التَّنْزِيهَ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرِ الْأَمْرُ فِيمَا قَالَ، فَلَعَلَّهُمْ عَلِمُوا الرُّخْصَةَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، أَوْ فَهِمُوا تَخْصِيصَ النَّهْيِ بِزَمَانِهِ ، وَهَذَا أَقْوَى لِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ سَمَّى ابْنَهُ مُحَمَّدًا وَكَنَّاهُ أَبَا الْقَاسِمِ وَهُوَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ.

وَقَدْ جَزَمَ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ هُوَ الَّذِي كَنَّاهُ، وَأَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ ظِئْرِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ وَكَذَا يُقَالُ لِكُنْيَةِ كُلٍّ مِنَ الْمُحَمَّدِينَ - ابْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ سَعْدٍ، وَابْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَابْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ - أَبُو الْقَاسِمِ، وَأَنَّ آبَاءَهُمْ كَنَّوْهُمْ بِذَلِكَ، قَالَ عِيَاضٌ: وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: