رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَكَذَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ الرَّبِيعِ. قُلْتُ: وَهُوَ صَدُوقٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. وَرَجَّحَ الْبَيْهَقِيُّ مَا تَقَدَّمَ عَلَى رِوَايَةِ زِيَادٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا أَصْلَ لِمَا اعْتَادَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مِنَ اسْتِكْمَالِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكَذَا الْعُدُولُ مِنَ الْحَمْدِ إِلَى أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَوْ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْحَمْدِ فَمَكْرُوهٌ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَمِعَ ابْنَهُ عَطَسَ فَقَالَ: أَبٌ، فَقَالَ: وَمَا أَبٌ؟ إِنَّ الشَّيْطَانَ جَعَلَهَا بَيْنَ الْعَطْسَةِ وَالْحَمْدِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ أَشْ بَدَلَ أَبٍ. وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّ الْعَاطِسَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ يَزِيدَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَوْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالَّذِي يَتَحَرَّرُ مِنَ الْأَدِلَّةِ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ، لَكِنْ مَا كَانَ أَكْثَرَ ثَنَاءً أَفْضَلُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَأْثُورًا. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْعَاطِسِ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ عُطَاسِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَكَانَ أَحْسَنَ، فَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَانَ أَفْضَلَ، كَذَا قَالَ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا تَقْتَضِي التَّخْيِيرَ ثُمَّ الْأَوْلَوِيَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ هُوَ التَّيْمِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَنَسٍ) فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: سَمِعْتُ أَنَسًا.
قَوْلُهُ: (عَطَسَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي، وَبِكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ.
قَوْلُهُ: (رَجُلَانِ) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ: أَحَدُهُمَا أَشْرَفُ مِنَ الْآخَرِ، وَإنَّ الشَّرِيفَ لَمْ يَحْمَدْ. وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُمَا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَابْنُ أَخِيهِ.
قَوْلُهُ: (فَشَمَّتَ) بِالْمُعْجَمَةِ، وَلِلسَّرَخْسِيِّ بِالْمُهْمَلَةِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: فَشَمَّتَ أَوْ سَمَّتَ؛ بِالشَّكِّ فِي الْمُعْجَمَةِ أَوِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ مِنَ التَّشْمِيتِ، قَالَ الْخَلِيلُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا: يُقَالُ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُهْمَلَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: كُلُّ دَاعٍ بِالْخَيْرِ مُشَمِّتٌ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُهْمَلَةِ، وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الشِّينَ وَالسِّينَ فِي اللَّفْظِ الْوَاحِدِ بِمَعْنًى اهـ. وَهَذَا لَيْسَ مُطَّرِدًا بَلْ هُوَ فِي مَوَاضِعَ مَعْدُودَةٍ، وَقَدْ جَمَعَهَا شَيْخُنَا شَمْسُ الدِّينِ الشِّيرَازِيُّ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فِي جُزْءٍ لَطِيفٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: التَّشْمِيتُ بِالْمُعْجَمَةِ أَعْلَى وَأَكْثَرُ. وَقَالَ عِيَاضٌ: هُوَ كَذَلِكَ لِلْأَكْثَرِ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَفِي الرِّوَايَةِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الِاخْتِيَارُ أنه بِالْمُهْمَلَةِ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّمْتِ وَهُوَ الْقَصْدُ وَالطَّرِيقُ الْقَوِيمُ. وَأَشَارَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ إِلَى تَرْجِيحِهِ، وَقَالَ الْقَزَّازُ: التَّشْمِيتُ التَّبْرِيكُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ شَمَّتَهُ إِذَا دَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَشَمَّتَ عَلَيْهِ إِذَا بَرَّكَ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي قِصَّةِ تَزْوِيجِ عَلِيٍّ بِفَاطِمَةَ: شَمَّتَ عَلَيْهِمَا؛ إِذَا دَعَا لَهُمَا بِالْبَرَكَةِ.
وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: التَّسْمِيتُ بِالْمُهْمَلَةِ أَفْصَحُ، وَهُوَ مِنْ سَمَتِ الْإِبِلُ فِي الْمَرْعَى إِذَا جُمِعَتْ، فَمَعْنَاهُ عَلَى هَذَا: جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَكَ. وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ سَمْتَ الْإِبِلِ إِنَّمَا هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ، وَكَذَا نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ، فَيَكُونُ مَعْنَى سَمَّتَهُ دَعَا لَهُ بِأَنْ يَجْمَعَ شَمْلَهُ، وَقِيلَ: هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ مِنَ الشَّمَاتَةِ وَهُوَ فَرَحُ الشَّخْصِ بِمَا يَسُوءُ عَدُوَّهُ فَكَأَنَّهُ دَعَا لَهُ أَنْ لا يَكُونَ فِي حَالٍ مَنْ يَشْمَتُ بِهِ، أَوْ أَنَّهُ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ أَدْخَلَ عَلَى الشَّيْطَانِ مَا يَسُوؤُهُ فَشَمِتَ هُوَ بِالشَّيْطَانِ. وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الشَّوَامِتِ جَمْعُ شَامِتَةٍ وَهِيَ الْقَائِمَةُ، يُقَالُ: لَا تَرَكَ اللَّهُ لَهُ شَامِتَةً؛ أَيْ قَائِمَةً. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: تَكَلَّمَ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى اشْتِقَاقِ اللَّفْظَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا الْمَعْنَى فِيهِ وَهُوَ بَدِيعٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَاطِسَ يَنْحَلُّ كُلُّ عُضْو فِي رَأْسِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنَ الْعُنُقِ وَنَحْوِهِ، فَكَأَنَّهُ إِذَا قِيلَ رَحِمَكَ اللَّهُ كَانَ مَعْنَاهُ أَعْطَاهُ اللَّهُ رَحْمَةً يَرْجِعُ بِهَا بِذَلِكَ العضو إِلَى حَالِهِ قَبْلَ الْعُطَاسِ وَيُقِيمُ عَلَى حَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ، فَإِنْ كَانَ التَّسْمِيتُ بِالْمُهْمَلَةِ فَمَعْنَاهُ رَجَعَ كُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute