للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : فَقَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ.

[الحديث ٦٢٥٧ - طرفه في: ٦٩٢٨]

٦٢٥٨ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قال النبي : "إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ"

[الحديث ٦٢٥٨ - طرفه في: ٦٩٢٦]

قَوْلُهُ: (بَابُ كَيْفَ الرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالسَّلَامِ)؟ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَلِذَلِكَ تَرْجَمَ بِالْكَيْفِيَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾؛ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ يَكُونُ وَفْقَ الِابْتِدَاءِ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَحْسَنَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ، وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى التَّفْرِقَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: قَالَ قَوْمٌ: رَدُّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَرْضٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ.

وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ فَرُدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: الْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِالْمُسْلِمِينَ فَلَا يُرَدُّ السَّلَامُ عَلَى الْكَافِرِ مُطْلَقًا، فَإِنْ أَرَادَ مَنْعَ الرَّدِّ بِالسَّلَامِ وَإِلَّا فَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَرُدُّ عَلَيْهِ.

الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ:

قَوْلُهُ: (أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ) كَذَا قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ مِثْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَدَبِ، وَقَالَ سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ وَسَيَأْتِي فِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ.

قَوْلُهُ: (دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ) لَمْ أَعْرِفْ أَسْمَاءَهُمْ، لَكِنْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ: ثَعْلَبَةُ بْنُ الْحَارِثِ، فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ. فَقَالَ: وَعَلَيْكُمْ؛ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَحَدَ الرَّهْطِ الْمَذْكُورِينَ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي بَاشَرَ الْكَلَامَ عَنْهُمْ كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ مِنْ نِسْبَةِ الْقَوْلِ إِلَى جَمَاعَةٍ وَالْمُبَاشِرُ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ ; لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ وَرِضَاهُمْ بِهِ فِي قُوَّةِ مَنْ شَارَكَهُ فِي النُّطْقِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ) كَذَا فِي الْأُصُولِ بِأَلِفٍ سَاكِنَةٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الثَّانِي أَنَّهُ جَاءَ بِالْهَمْزِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ السَّوْمِ بِالْمَوْتِ فِي كِتَابِ الطِّبِّ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْتُ الْعَاجِلُ.

قَوْلُهُ: (فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْأَدَبِ: فَقَالَتْ: عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهَا: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَالذَّامُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ لُغَةٌ فِي الذَّمِّ ضِدُّ الْمَدْحِ، يُقَالُ: ذَمٌّ بِالتَّشْدِيدِ وَذَامٌ بِالتَّخْفِيفِ وَذَيْمٌ بِتَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ، وَقَالَ عِيَاضٌ: لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ أَنَّ الذَّامَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِالْمُعْجَمَةِ، وَلَوْ رُوِيَ بِالْمُهْمَلَةِ مِنَ الدَّوَامِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَلَكِنْ كَانَ يَحْتَاجُ لِحَذْفِ الْوَاوِ لِيَصِيرَ صِفَةً لِلسَّامِ.

وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الدَّامُ لُغَةٌ فِي الدَّائِمِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فَسَّرَ أَبُو عُبَيْدٍ السَّامَ بِالْمَوْتِ وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ قَتَادَةَ تَأَوَّلَهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، فَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ: كَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: تَفْسِيرُ السَّامُ عَلَيْكُمْ تُسَامُونَ دِينَكُمْ وَهُوَ - يَعْنِي السَّامَ - مَصْدَرُ سَئِمَهُ سَآمَةً وَسَآمًا؛ مِثْلُ رَضَعَهُ رَضَاعَةً وَرَضَاعًا.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَوَجَدْتُ هَذَا الَّذِي فَسَّرَهُ قَتَادَةُ مَرْوِيًّا عَنِ النَّبِيِّ أَخْرَجَهُ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ