للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَسُولَ اللَّهِ فمنعناها لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ أَبَدًا، وَإِنِّي لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ أَبَدًا.

قَوْلُهُ: (بَابِ الْمُعَانَقَةِ وَقَوْلُ الرَّجُلِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَسَقَطَ لَفْظُ الْمُعَانَقَةِ وَوَاوُ الْعَطْفِ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ، وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي، وَالسَّرَخْسِيِّ وَضَرَبَ عَلَيْهَا الدِّمْيَاطِيُّ فِي أَصْلِهِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: لَعَلَّهُ ابْنُ مَنْصُورٍ؛ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْ بِشْرِ بْنِ شُعَيْبٍ فِي بَابِ مَرَضِ النَّبِيِّ .

قُلْتُ: وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ عَلَى الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ هُنَاكَ وَهُنَا وَاحِدٌ وَالصِّيغَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدَةٌ، فَكَانَ حَقُّهُ إِنْ قَامَ الدَّلِيلُ عِنْدَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِسْحَاقَ هُنَاكَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَنْ يَقُولَ هُنَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ) هُوَ إِسْنَادٌ آخَرُ إِلَى الزُّهْرِيِّ يَرُدُّ عَلَى مَنْ ظَنَّ انْفِرَادَ شُعَيْبٍ بِهِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هُنَاكَ أَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، وَلَمْ أَسْتَحْضِرْ حِينَئِذٍ رِوَايَةَ يُونُسَ هَذِهِ، فَهُمْ عَلَى هَذَا ثَلَاثَةٌ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ رَوَوْهُ عَنْهُ، وَسِيَاقُ الْمُصَنِّفِ عَلَى لَفْظِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ هَذَا، وَسِيَاقُهُ هُنَاكَ عَلَى لَفْظِ شُعَيْبٍ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ وَقَدْ ذَكَرْتُ شَرْحَهُ هُنَاكَ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الْمُهَلَّبِ: تَرْجَمَ لِلْمُعَانَقَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْبَابِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ مُعَانَقَةَ النَّبِيِّ لِلْحَسَنِ الْحَدِيثَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَسْوَاقِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ فَلَمْ يَجِدْ لَهُ سَنَدًا غَيْرَ السَّنَدِ الْأَوَّلِ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ شَيْئًا، فَبَقِيَ الْبَابُ فَارِغًا مِنْ ذِكْرِ الْمُعَانَقَةِ، وَكَانَ بَعْدَهُ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ. وَفِيهِ حَدِيثُ عَلِيٍّ، فَلَمَّا وَجَدَ نَاسِخُ الْكِتَابِ التَّرْجَمَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ ظَنَّهُمَا وَاحِدَةً إِذْ لَمْ يَجِدْ بَيْنَهُمَا حَدِيثًا.

وَفِي الْكِتَابِ مَوَاضِعُ مِنَ الْأَبْوَابِ فَارِغَةٌ لَمْ يُدْرِكْ أَنْ يُتِمَّهَا بِالْأَحَادِيثِ، مِنْهَا فِي كِتَابِ الْجِهَادِ. انْتَهَى، وَفِي جَزْمِهِ بِذَلِكَ نَظَرٌ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ مَا أَخْرَجَهُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ فَإِنَّهُ تَرْجَمَ فِيهِ بَابَ الْمُعَانَقَةِ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ: فَابْتَعْتُ بَعِيرًا فَشَدَدْتُ إِلَيْهِ رَحْلِي شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ فَبَعَثْتُ إِلَيْهِ فَخَرَجَ، فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْتُهُ الْحَدِيثَ فَهَذَا أَوْلَى بِمُرَادِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ طَرَفًا مِنْهُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مُعَلَّقًا فَقَالَ: وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى سَنَدِهِ هُنَاكَ.

وَأَمَّا جَزْمُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ سَنَدًا آخَرَ فَفِيهِ نَظَرٌ: لِأَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ بِسَنَدٍ آخَرَ وَعَلَّقَهُ فِي مَنَاقِبِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: وَقَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ:، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَ طَرَفًا مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ أَرَادَ ذِكْرَهُ لَعَلَّقَ مِنْهُ مَوْضِعَ حَاجَتِهِ أَيْضًا بِحَذْفِ أَكْثَرِ السَّنَدِ أَوْ بَعْضِهِ، كَأَنْ يَقُولَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَوْ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّهُمَا تَرْجَمَتَانِ خَلَتِ الْأُولَى عَنِ الْحَدِيثِ فَضَمَّهُمَا النَّاسِخُ فَإِنَّهُ مُحْتَمَلٌ، وَلَكِنْ فِي الْجَزْمِ بِهِ نَظَرٌ.

وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْمُقَدِّمَةِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَاوِي الْكِتَابِ مَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ بَعْضَ مَنْ سَمِعَ الْكِتَابَ كَانَ يَضُمُّ بَعْضَ التَّرَاجِمِ إِلَى بَعْضٍ وَيَسُدُّ الْبَيَاضَ، وَهِيَ قَاعِدَةٌ يُفْزَعُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ تَطْبِيقِ الْحَدِيثِ عَلَى التَّرْجَمَةِ، وَيُؤَيِّدهُ إِسْقَاطُ لَفْظِ الْمُعَانَقَةِ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ ذَكَرْنَا، وَقَدْ تَرْجَمَ فِي الْأَدَبِ بَابَ كَيْفَ أَصْبَحْتَ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ، وَأَفْرَدَ بَابَ الْمُعَانَقَةِ عَنْ هَذَا الْبَابِ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ كَمَا ذَكرْتُ، وَقَوَّى ابْنُ التِّينِ مَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ بِأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ بَابِ الْمُعَانَقَةِ قَوْلُ الرَّجُلِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ بِغَيْرِ وَاوٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا تَرْجَمَتَانِ.

وَقَدْ أَخَذَ ابْنُ جَمَاعَةَ كَلَامَ ابْنِ بَطَّالٍ جَازِمًا بِهِ وَاخْتَصَرَهُ وَزَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ: تَرْجَمَ بِالْمُعَانَقَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَكَأَنَّهُ تَرْجَمَ وَلَمْ