للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَتَّفِقْ لَهُ حَدِيثٌ يُوَافِقُهُ فِي الْمَعْنَى وَلَا طَرِيقٌ آخَرُ لِسَنَدِ مُعَانَقَةِ الْحَسَنِ، وَلَمْ يَرَ أَنْ يَرْوِيَهُ بِذَلِكَ السَّنَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ إِعَادَةُ السَّنَدِ الْوَاحِدِ، أَوْ لَعَلَّهُ أَخَذَ الْمُعَانَقَةَ مِنْ عَادَتِهِمْ عِنْدَ قَوْلِهِمْ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ، فَاكْتَفَى بِكَيْفَ أَصْبَحْتَ لِاقْتِرَانِ الْمُعَانَقَةِ بِهِ عَادَةً. قُلْتُ: وَقَدْ قَدَّمْتُ الْجَوَابَ عَنِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَخِيرُ فَدَعْوَى الْعَادَةِ تَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وَقَدْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ فِي بَابِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ حَدِيثَ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ لَمَّا أُصِيبَ أَكْحَلُهُ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُولُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ. الْحَدِيثَ، وَلَيْسَ فِيهِ لِلْمُعَانَقَةِ ذِكْرٌ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَقَالَ: صَالِحٌ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُصْبِحُ صَائِمًا.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ. الْحَدِيثَ. وَمِنْ حَدِيثِ مُهَاجِرٍ الصَّائِغِ: كُنْتُ أَجْلِسُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فَكَانَ إِذَا قِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِحُذَيْفَةَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ، أَوْ كَيْفَ أَمْسَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: أَحْمَدُ اللَّهَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ سَلَّمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَيْفَ أَنْتَ؟ قَالَ: أَحْمَدُ اللَّهَ. قَالَ: هَذَا الَّذِي أَرَدْتُ مِنْكَ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ نَحْوَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا، فَهَذِهِ عِدَّةُ أَخْبَارٍ لَمْ تَقْتَرِنْ فِيهَا الْمُعَانَقَةُ بِقَوْلِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ وَنَحْوِهَا، بَلْ وَلَمْ يَقَعْ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ اثْنَيْنِ تَلَاقَيَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ حَتَّى يَسْتَقِيمَ الْحَمْلُ عَلَى الْعَادَةِ فِي الْمُعَانَقَةِ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ مَنْ حَضَرَ بَابَ النَّبِيِّ ﷺ لَمَّا رَأَوْا خُرُوجَ عَلِيٍّ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ سَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ فِي مَرَضِهِ فَأَخْبَرَهُمْ، فَالرَّاجِحُ أَنَّ تَرْجَمَةَ الْمُعَانَقَةِ كَانَتْ خَالِيَةً مِنَ الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمُعَانَقَةِ أَيْضًا حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ عَنَزَةَ لَمْ يُسَمَّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَافِحُكُمْ إِذَا لَقِيتُمُوهُ؟ قَالَ: مَا لَقِيتُهُ قَطُّ إِلَّا صَافَحَنِي، وَبَعَثَ إِلَيَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ أَكُنْ فِي أَهْلِي، فَلَمَّا جِئْتُ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ فَالْتَزَمَنِي، فَكَانَتْ أَجْوَدَ وَأَجْوَدَ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا هَذَا الرَّجُلَ الْمُبْهَمَ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: كَانُوا إِذَا تَلَاقَوْا تَصَافَحُوا، وَإِذَا قَدِمُوا مِنْ سَفَرٍ تَعَانَقُوا، وَلَهُ فِي الْكَبِيرِ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا لَقِيَ أَصْحَابَهُ لَمْ يُصَافِحْهُمْ حَتَّى يُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُعَانَقَةِ، فَكَرِهَهَا مَالِكٌ، وَأَجَازَهَا ابْنُ عُيَيْنَةَ. ثُمَّ سَاقَ قِصَّتَهُمَا فِي ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يُونُسَ اللَّيْثِيِّ الْمَدَنِيِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَخْرَجَهَا ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ جَعْفَرٍ مِنْ تَارِيخِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يُونُسَ قَالَ: اسْتَأْذَنَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى مَالِكٍ فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَرَدُّوا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ خَاصٌّ وَعَامٌّ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَرَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَرَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنَّهَا بِدْعَةٌ لَعَانَقْتُكَ، قَالَ: قَدْ عَانَقَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، قَالَ: جَعْفَرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ذَاكَ خَاصٌّ، قَالَ: مَا عَمَّهُ يَعُمُّنَا.

ثُمَّ سَاقَ سُفْيَانُ الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الْحَبَشَةِ اعْتَنَقَهُ النَّبِيُّ ﷺ الْحَدِيثَ. قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ: هَذِهِ الْحِكَايَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِسْنَادُهَا مُظْلِمٌ. قُلْتُ: وَالْمَحْفُوظُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، فَأَخْرَجَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ جَعْفَرًا لَمَّا قَدِمَ تَلَقَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَبَّلَ جَعْفَرًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ. وَأَخْرَجَ الْبَغْوِيُّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ اسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَسَنَدُهُ