وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا.
تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ سُمَيٍّ. وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ سُمَيٍّ وَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ. وَرَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَرَوَاهُ سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
٦٣٣٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كَتَبَ الْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا سَلَّمَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ.
وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُسَيَّبَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ) أَيِ: الْمَكْتُوبَةِ، وَفِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يُشْرَعُ، مُتَمَسِّكًا بِالْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا سَلَّمَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا قَدْرَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ الْمَذْكُورِ نَفْيُ اسْتِمْرَارِهِ جَالِسًا عَلَى هَيْئَتِهِ قَبْلَ السَّلَامِ إِلَّا بِقَدْرِ أَنْ يَقُولَ مَا ذَكَرَ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَيُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِنَ الدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ بَعْدَ أَنْ يُقْبِلَ بِوَجْهِهِ عَلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ: وَأَمَّا الدُّعَاءُ بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ سَوَاءٌ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ وَالْمَأْمُومُ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ ﷺ أَصْلًا، وَلَا رُوِيَ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا حَسَنٍ وَخَصَّ بَعْضَهُمْ ذَلِكَ بِصَلَاتَيِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ ﷺ وَلَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ وَلَا أَرْشَدَ إِلَيْهِ أُمَّتَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ رَآهُ مَنْ رَآهُ عِوَضًا مِنَ السُّنَّةِ بَعْدَهُمَا، قَالَ: وَعَامَّةُ الْأَدْعِيَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالصَّلَاةِ إِنَّمَا فَعَلَهَا فِيهَا، وَأَمَرَ بِهَا فِيهَا، قَالَ: وَهَذَا اللَّائِقُ بِحَالِ الْمُصَلِّي؛ فَإِنَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى رَبِّهِ مُنَاجِيهِ، فَإِذَا سَلَّمَ مِنْهَا انْقَطَعَتِ الْمُنَاجَاةُ، وَانْتَهَى مَوْقِفُهُ وَقُرْبُهُ، فَكَيْفَ يَتْرُكُ سُؤَالَهُ فِي حَالِ مُنَاجَاتِهِ وَالْقُرْبِ مِنْهُ وَهُوَ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْأَلُ إِذَا انْصَرَفَ عَنْهُ؟ ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ الْأَذْكَارَ الْوَارِدَةَ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَتَى بِهَا أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا، وَيَدْعُوَ بِمَا شَاءَ، وَيَكُونُ دُعَاؤُهُ عَقِبَ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الذِّكْرُ، لَا لِكَوْنِهِ دُبُرَ الْمَكْتُوبَةِ.
قُلْتُ: وَمَا ادَّعَاهُ مِنَ النَّفْيِ مُطْلَقًا مَرْدُودٌ، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ: يَا مُعَاذُ إِنِّي وَاللَّهِ لَأُحِبُّكَ، فَلَا تَدَعْ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ فِي قَوْلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدْعُو بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَحَدِيثُ سَعْدٍ الْآتِي فِي بَابِ التَّعَوُّذِ مِنَ الْبُخْلِ قَرِيبًا؛ فَإِنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الْمَطْلُوبَ، وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَدْعُو فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَحَدِيثُ صُهَيْبٍ رَفَعَهُ: كَانَ يَقُولُ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي، الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُ ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِدُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ قُرْبَ آخِرِهَا وَهُوَ التَّشَهُّدُ، قُلْنَا: قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالذِّكْرِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَالْمُرَادُ بِهِ بَعْدَ السَّلَامِ إِجْمَاعًا، فَكَذَا هَذَا حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُخَالِفُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute