للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَتَمَنَّى إِلَيْهِ ثَالِثًا. . الْحَدِيثَ، وَبِهَا تَظْهَرُ الْمُنَاسَبَةُ جِدًّا، وَقَوْلُهُ: سِيلَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، ثُمَّ لَامٌ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، يُقَالُ: سَالَ الْوَادِي إِذَا جَرَى مَاؤُهُ.

وَأَمَّا الْفِتْنَةُ بِالْوَلَدِ فَوَرَدَ فِيهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، وصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَخْطُبُ، فَجَاءَ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ، فَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَحَمَلَهُمَا فَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوَّلَاكُمْ فِتْنَةٌ الْحَدِيثَ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ قَطْعَ الْخُطْبَةِ وَالنُّزُولَ لَهُمَا فِتْنَةٌ دَعَا إِلَيْهَا مَحَبَّةُ الْوَلَدِ فَيَكُونُ مَرْجُوحًا.

وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَأَمَّا فِعْلُ النَّبِيِّ ذَلِكَ فَهُوَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ؛ فَيَكُونُ فِي حَقِّهِ رَاجِحًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ فِعْلِ الشَّيْءِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَوْلَى تَرْكُ فِعْلِهِ، فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْفِتْنَةَ بِالْوَلَدِ مَرَاتِبُ، وَإِنَّ هَذَا مِنْ أَدْنَاهَا، وَقَدْ يَجُرُّ إِلَى مَا فَوْقَهُ فَيُحْذَرُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ: الْأَوَّلُ

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ) هُوَ الزِّمِّيُّ بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، فَقِيلَ: هِيَ كُنْيَةُ أَبِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ جَدُّهُ وَاسْمُهُ كُنْيَتُهُ، أَخْرَجَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ فِي الصَّحِيحِ، وَأَخْرَجَ عَنْهُ خَارِجَ الصَّحِيحِ بِوَاسِطَةٍ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ) بِمُهْمَلَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنَا.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي حَصِينٍ) بِمُهْمَلَتَيْنِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا حَدَّثَنَا.

قَوْلُهُ: (قَالَ النَّبِيُّ ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: وَافَقَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى رَفْعِهِ شَرِيكٌ الْقَاضِي، وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، وَخَالَفَهُمْ إِسْرَائِيلُ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ مَوْقُوفًا. قُلْتُ: إِسْرَائِيلُ أَثْبَتُ مِنْهُمْ وَلَكِنَّ اجْتِمَاعَ الْجَمَاعَةِ يُقَاوِمُ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ تَتِمُّ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ لِلرَّفْعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ سَنَدًا وَمَتْنًا فِي بَابِ الْحِرَاسَةِ فِي الْغَزْوِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ، وَهُوَ مِنْ نَوَادِرِ مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْجَامِعِ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ: (تَعِسَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَيَجُوزُ الْفَتْحُ، أَيْ سَقَطَ وَالْمُرَادُ هُنَا هَلَكَ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: التَّعْسُ الشَّرُّ قَالَ - تَعَالَى -: ﴿فَتَعْسًا لَهُمْ﴾ أَرَادَ أَلْزَمَهُمُ الشَّرَّ، وَقِيلَ: التَّعْسُ الْبُعْدُ أَيْ بُعْدًا لَهُمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: قَوْلُهُمْ تَعْسًا لِفُلَانٍ نَقِيضُ قَوْلِهِمْ: لَعًا لَهُ، فَتَعْسًا دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْعَثْرَةِ، وَلَعًا دُعَاءٌ لَهُ بِالِانْتِقَاشِ.

قَوْلُهُ: (عَبْدُ الدِّينَارِ) أَيْ طَالِبُهُ الْحَرِيصُ عَلَى جَمْعِهِ الْقَائِمُ عَلَى حِفْظِهِ، فَكَأَنَّهُ لِذَلِكَ خَادِمُهُ وَعَبْدُهُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: قِيلَ خُصَّ الْعَبْدُ بِالذِّكْرِ؛ لِيُؤْذَنَ بِانْغِمَاسِهِ فِي مَحَبَّةِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا كَالْأَسِيرِ الَّذِي لَا يَجِدُ خَلَاصًا، وَلَمْ يَقُلْ: مَالِكُ الدِّينَارِ، وَلَا جَامِعُ الدِّينَارِ؛ لِأَنَّ الْمَذْمُومَ مِنَ الْمِلْكِ وَالْجَمْعِ الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَقَوْلُهُ: إِنْ أُعْطِيَ إِلَخْ يُؤْذِنُ بِشِدَّةِ الْحِرْصِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: جَعَلَهُ عَبْدًا لَهُمَا لِشَغَفِهِ وَحِرْصِهِ، فَمَنْ كَانَ عَبْدًا لِهَوَاهُ لَمْ يَصْدُقْ فِي حَقِّهِ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ فَلَا يَكُونُ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ صِدِّيقًا.

قَوْلُهُ: (وَالْقَطِيفَة) هِيَ الثَّوْبُ الَّذِي لَهُ خَمْلٌ وَالْخَمِيصَةُ الْكِسَاءُ الْمُرَبَّعُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ، فِي كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ بِلَفْظِ: تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ، وَقَوْلُهُ: وَانْتَكَسَ، أَيْ عَاوَدَهُ الْمَرَضُ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَفْسِيرِ التَّعْسِ بِالسُّقُوطِ يَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ إِذَا قَامَ مِنْ سَقْطَتِهِ عَاوَدَهُ السُّقُوطُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بِانْتَكَسَ بَعْدَ تَعِسَ انْقَلَبَ عَلَى رَأْسِهِ بَعْدَ أَنْ سَقَطَ، ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي شَرْحِ الطِّيبِيِّ، قَالَ فِي قَوْلِهِ: تَعِسَ وَانْتَكَسَ فِيهِ التَّرَقِّي فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا تَعِسَ انْكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا انْتَكَسَ انْقَلَبَ عَلَى رَأْسِهِ، وَقِيلَ: التَّعْسُ الْخَرُّ عَلَى الْوَجْهِ، وَالنَّكْسُ الْخَرُّ عَلَى الرَّأْسِ، وَقَوْلُهُ: فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ: وَإِذَا شِيكَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدِهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ كَافٌ، أَيْ إِذَا