(فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ) فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ: فإذا هو بلبن في قدح، وفي رواية يونس: فوجد قدحا من اللبن.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟) زَادَ رَوْحٌ لَكُمْ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مُسْهِرٍ فَقَالَ لِأَهْلِهِ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا.
قَوْلُهُ: (قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانَةُ) كَذَا بِالشَّكِّ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ مَنْ أَهْدَاهُ، وَفِي رِوَايَةِ رَوْحٍ: أَهْدَاهُ لَنَا فُلَانٌ أَوْ آلُ فُلَانٍ، وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ: أَهْدَاهُ لَنَا فُلَانٌ.
قَوْلُهُ: (الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ) كَذَا عَدَّى الْحَقْ بِإِلَى وَكَأَنَّهُ ضَمَّنَهَا مَعْنَى انْطَلِقْ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ بِلَفْظِ انْطَلِقْ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ مِنْ أَضْيَافِ الْإِسْلَامِ) سَقَطَ لَفْظُ: قَالَ مِنْ رِوَايَةِ رَوْحٍ وَلَا بُدَّ مِنْهَا، فَإِنَّهُ كَلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَهُ شَارِحًا لِحَالِ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَلِلسَّبَبِ فِي اسْتِدْعَائِهِمْ فَإِنَّهُ ﷺ كَانَ يَخُصُّهُمْ بِمَا يَأْتِيهِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَيُشْرِكُهُمْ فِيمَا يَأْتِيهِ مِنَ الْهَدِيَّةِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ هَذَا الْقَدْرُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ، وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافَ الْإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ عَلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَخْ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ: (لَا يَأْوُونَ عَلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ) فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ وَالْأَكْثَرُ إِلَى بَدَلَ عَلَى.
قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى أَحَدٍ) تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، فَشَمِلَ الْأَقَارِبَ وَالْأَصْدِقَاءَ وَغَيْرَهُمْ، وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَحْمَدَ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَكَانَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ عَرِيفٌ نَزَلَ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرِيفٌ نَزَلَ مَعَ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، وَفِي مُرْسَلِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ: كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ نَاسًا فُقَرَاءَ لَا مَنَازِلَ لَهُمْ، فَكَانُوا يَنَامُونَ فِي الْمَسْجِدِ لَا مَأْوَى لَهُمْ غَيْرُهُ، وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كُنْتُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَكُنَّا إِذَا أَمْسَيْنَا حَضَرَنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَيَأْمُرُ كُلَّ رَجُلٍ فَيَنْصَرِفُ بِرَجُلٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَيَبْقَى مَنْ بَقِيَ عَشَرَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَيَأْتِي النَّبِيُّ ﷺ بِعَشَائِهِ فَنَتَعَشَّى مَعَهُ، فَإِذَا فَرَغْنَا قَالَ: نَامُوا فِي الْمَسْجِدِ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَغَيْرِهِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا نَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ الْحَدِيثَ، وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ مُرْسَلِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا صَلَّى قَسَمَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ بَيْنَ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَيَذْهَبُ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ، وَالرَّجُلُ بِالرَّجُلَيْنِ حَتَّى ذَكَرَ عَشَرَةً الْحَدِيثَ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ: بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي
الصُّفَّةِ، فَجَعَلَ يُوَجِّهُ الرَّجُلَ مَعَ الرَّجُلِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ حَتَّى بَقِيتُ فِي أَرْبَعَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَامِسُنَا، فَقَالَ: انْطَلِقُوا بِنَا، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ عَشِّينَا الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا)؛ أَيْ لِنَفْسِهِ، وَفِي رِوَايَةِ رَوْحٍ: وَلَمْ يُصِبْ مِنْهَا شَيْئًا، وَزَادَ وَلَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا) فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ وَشَرَّكَهُمْ بِالتَّشْدِيدِ وَقَالَ: فِيهَا أَوْ مِنْهَا بِالشَّكِّ، وَوَقَعَ عِنْدَ يُونُسَ الصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ بِالتَّعْرِيفِ فِيهِمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا بَيَانُ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ، وَتَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُخْتَصَرًا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْهُ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ، فَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ قَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا، وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَكَلَ مَعَهُمْ، وَلِأَحْمَدَ، وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى الصُّفَّةُ، فَكَانَ يُقَسِّمُ الصَّدَقَةَ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّهَا، وَيَأْكُلُ مِنَ الْهَدِيَّةِ مَعَ مَنْ حَضَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَنِ قَالَ: بُنِيَتُ صُفَّةٌ فِي الْمَسْجِدِ لِضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ حَالَيْنِ: فَيُحْمَلُ حَدِيثُ الْبَابِ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ فَإِنَّهُ