للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّبِيِّ سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا قَالَ مُجَاهِدٌ قَوْلًا سَدِيدًا وَسَدَادًا صِدْقًا"

٦٤٦٨ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى لَنَا يَوْمًا الصَّلَاةَ ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ فَأَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ قَدْ أُرِيتُ الْآنَ مُنْذُ صَلَّيْتُ لَكُمْ الصَّلَاةَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مُمَثَّلَتَيْنِ فِي قُبُلِ هَذَا الْجِدَارِ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ"

قَوْلُهُ: (بَابُ الْقَصْدِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، هُوَ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْمُعْتَدِلَةِ أَيِ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي أَنَّهُمْ فَسَّرُوا السَّدَادَ بِالْقَصْدِ وَبِهِ تَظْهَرُ الْمُنَاسَبَةُ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ)؛ أَيِ الصَّالِحِ، ذَكَرَ فِيهِ ثَمَانِيَةَ أَحَادِيثَ أَكْثَرُهَا مُكَرَّرٌ، وَفِي بَعْضِهَا زِيَادَةٌ عَلَى بَعْضٍ، وَمُحَصَّلُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْحَثُّ عَلَى مُدَاوَمَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَإِنْ قَلَّ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ بِعَمَلِهِ بَلْ بِرَحْمَةِ اللَّهِ، وَقِصَّةُ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فِي صَلَاتِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالتَّرْجَمَةِ، وَالثَّانِي ذُكِرَ اسْتِطْرَادًا وَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالتَّرْجَمَةِ أَيْضًا، وَالثَّالِثُ يَتَعَلَّقُ بِهَا أَيْضًا بَطَرِيقٍ خَفِيٍّ.

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، وَأَشْعَثُ هُوَ ابْنُ سُلَيْمِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَأَبُوهُ يُكَنَّى أَبَا الشَّعْثَاءِ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ، وَهُوَ بِهَا أَشْهَرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي بَابِ مَنْ نَامَ عِنْدَ السَّحَرِ مِنْ كِتَابِ التَّهَجُّدِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ، وَالْمُرَادُ بِالصَّارِخِ الدِّيكُ. وَقَوْلُهُ هُنَا: قُلْتُ فِي أَيِّ حِينٍ كَانَ يَقُومُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فَأَيُّ حِينٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ بِلَفْظِ: قُلْتُ: مَتَى كَانَ يَقُومُ، وَأَعْقَبَهُ بِرِوَايَةِ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَشْعَثَ بِلَفْظِ: إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ قَامَ فَصَلَّى اخْتَصَرَهُ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِتَمَامِهِ وَقَالَ فِيهِ: قُلْتُ: أَيَّ حِينٍ كَانَ يُصَلِّي فَذَكَرَهُ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ عَائِشَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، وَهَذَا يُفَسِّرُ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِي الَّذِي بَعْدَهُ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يُنَجِّيهُ عَمَلُهُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي كَفَّارَةِ الْمَرَضِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: لَمْ يُدْخِلْ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَهُوَ كَلَفْظِ عَائِشَةَ فِي الْحَدِيثِ الرَّابِعِ هُنَا، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُنَجِّيهُ عَمَلُهُ، وَمِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ: لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: لَا يُدْخِلُ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَلَا يُجِيرُهُ مِنَ النَّارِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: يُنَجِّي أَيْ يُخَلِّصُ، وَالنَّجَاةُ مِنَ الشَّيْءِ التَّخَلُّصُ مِنْهُ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ مَا مُحَصَّلُهُ أَنْ تُحْمَلَ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ تُنَالُ الْمَنَازِلُ فِيهَا بِالْأَعْمَالِ، فَإِنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ مُتَفَاوِتَةٌ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ الْأَعْمَالِ، وَأَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ وَالْخُلُودِ فِيهَا، ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ قَوْلَهُ - تَعَالَى - ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فَصَرَّحَ بِأَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ أَيْضًا بِالْأَعْمَالِ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَفْظٌ مُجْمَلٌ بَيَّنَهُ الْحَدِيثُ، وَالتَّقْدِيرُ: ادْخُلُوا مَنَازِلَ الْجَنَّةِ وَقُصُورَهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَصْلَ الدُّخُولِ.

ثُمَّ قَالَ: