للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: بَابُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ، هُوَ مِنَ النَّقْشِ، وَهُوَ اسْتِخْرَاجُ الشَّوْكَةِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْجِهَادِ ; وَالْمُرَادُ بِالْمُنَاقَشَةِ الِاسْتِقْصَاءُ فِي الْمُحَاسَبَةِ وَالْمُطَالَبَةُ بِالْجَلِيلِ وَالْحَقِيرِ، وَتَرْكِ الْمُسَامَحَةِ يُقَالُ: انْتَقَشْتُ مِنْهُ حَقِّي أَيِ اسْتَقْصَيْتُهُ، وَذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ:

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ:

قَوْلُهُ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ فَقَالَ حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ وَقَوْلُهُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ زَادَ وَهُوَ حَافِظٌ مُتْقِنٌ، وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ، وَسَمِعَهُ مِنَ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، فَحَدَّثَ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ قُلْتُ: وَهَذَا مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ، وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ لَهُ، عَنْ عَائِشَةَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ كَمَا فِي السَّنَدِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَانْتَفَى التَّعْلِيلُ بِإِسْقَاطِ رَجُلٍ مِنَ السَّنَدِ، وَتَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ عَائِشَةَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ وَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّ فِي رِوَايَتِهِ بِالْوَاسِطَةِ مَا لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَإِنْ كَانَ مُؤَدَّاهُمَا وَاحِدًا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِحَمْدِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: عَنِ النَّبِيِّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ .

قَوْلُهُ: قَالَتْ: قُلْتُ: أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ﴾ فِي رِوَايَةِ عَبْدٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ: - ﴿حِسَابًا يَسِيرًا﴾ وَلِأَحْمَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ: اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْحِسَابُ الْيَسِيرُ؟ قَالَ: أَنْ يَنْظُرَ فِي كِتَابِهِ فَيَتَجَاوَزَ لَهُ عَنْهُ ; إِنَّ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَا عَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ هَلَكَ.

قَوْلُهُ: فِي السَّنَدِ الثَّانِي مِثْلُهُ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ انْشَقَّتْ بِهَذَا السَّنَدِ، وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ أَيْضًا وَأَوْرَدَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ مِثْلَ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى سَوَاءٌ.

قَوْلُهُ: تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَيُّوبُ، وَصَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قُلْتُ: مُتَابَعَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمٍ وَصَلَهُمَا أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمٍ، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِهِ.

(تَنْبِيهَانِ): أَحَدُهُمَا: اخْتُلِفَ عَلَى ابْنِ جُرَيْجٍ فِي سَنَدِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ مُخْتَصَرًا وَلَفْظُهُ مَنْ حُوسِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ.

ثَانِيهِمَا: مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ هَذَا جَزَمَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ بِأَنَّهُ أَبُو عُثْمَانَ الْمَكِّيُّ، وَقَالَ: اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي الرِّقَاقِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمٍ الْبَصْرِيِّ، وَهُوَ أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ، اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي التَّعْبِيرِ، وَأَمَّا الْمِزِّيُّ فَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا عُثْمَانَ فِي التَّهْذِيبِ، بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ أَبِي هِلَالٍ، وَعَلَّمَ عَلَامَةَ التَّعْلِيقِ عَلَى اسْمِهِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَهُوَ الَّذِي هُنَا، وَعَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَهُوَ الَّذِي فِي التَّعْبِيرِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ تَصْوِيبُ أَبِي عَلِيٍّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ أَبُو عُثْمَانَ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ فَقَالَ: يروي عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَرَوَى عَنْهُ وَكِيعٌ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: رَوَى عَنْهُ أَبُو عَاصِمٍ وَنَقَلَ عَنِ اسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ: هُوَ ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الثِّقَاتِ.

وَأَمَّا مُتَابَعَةُ أَيُّوبَ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنِ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، عَنْ سُلَيْمَانَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَلَفْظُهُ: مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾؟ قَالَ: ذَاكَ الْعَرْضُ، وَلَكِنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ، عَنْ أَيُّوبَ بِلَفْظِ مَنْ نُوقِشَ عُذِّبَ فَقَالَتْ: كَأَنَّهَا تُخَاصِمُهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ