للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَكَبَّرَ عُمَرُ فَقَالَ النَّبِيُّ : إِنَّ السَّبْعِينَ أَلْفًا يُشَفِّعُهُمُ اللَّهُ فِي آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَدْنَى أُمَّتِي الْحَثَيَاتِ وَأَخْرَجَهُ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً قُلْتُ: عِلَّتُهُ الِاخْتِلَافُ فِي سَنَدِهِ، فَإِنَّ الطَّبَرَانِيَّ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَامٍ، حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبَةَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَامٍ أَيْضًا فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْأَنْمَارِيَّ حَدَّثَهُ فَذَكَرَهُ وَزَادَ: قَالَ قَيْسٌ: فَقُلْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ : وَذَلِكَ يَسْتَوْعِبُ مُهَاجِرِي أُمَّتِي، وَيُوَفِّي اللَّهُ بَقِيَّتَهُمْ مِنْ أَعْرَابِنَا.

وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَحَسَبْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَبَلَغَ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفٍ وَتِسْعَمِائَةِ أَلْفٍ يَعْنِي مَنْ عَدَا الْحَثَيَاتِ، وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ نَحْوَ حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَزَادَ: وَالْخَبِيئَةُ - بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَهَمْزَةٍ وَزْنَ عَظِيمَةٍ - عِنْدَ رَبِّي، وَوَرَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَا يَزِيدُ عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي حَسَبَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْأَنْمَارِيُّ، فَعِنْدَ أَحْمَدَ، وَأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ نَحْوُهُ بِلَفْظِ: أَعْطَانِي مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا سَبْعِينَ أَلْفًا، وَفِي سَنَدِهِ رَاوِيَانِ أَحَدُهُمَا ضَعِيفُ الْحِفْظِ وَالْآخَرُ لَمْ يُسَمَّ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مِثْلُهُ وَفِيهِ رَاوٍ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَاخْتُلِفَ فِي سَنَدِهِ، وَفِي سِيَاقِ مَتْنِهِ، وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ نَحْوُهُ، وَعِنْدَ الْكَلَابَاذِيِّ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ بِسَنَدٍ وَاهٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ذَاتَ يَوْمٍ فَاتَّبَعْتُهُ، فَإِذَا هُوَ فِي مَشْرُبَةٍ يُصَلِّي، فَرَأَيْتُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَةَ أَنْوَارٍ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: رَأَيْتِ الْأَنْوَارَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: إِنَّ آتِيًا أَتَانِي مِنْ رَبِّي فَبَشَّرَنِي أَنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، ثُمَّ أَتَانِي فَبَشَّرَنِي أَنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ مِنْ أُمَّتِي مَكَانَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، ثُمَّ أَتَانِي فَبَشَّرَنِي أَنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ مِنْ أُمَّتِي مَكَانَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا الْمُضَاعَفَةِ سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، لَا يَبْلُغُ هَذَا أُمَّتِي قَالَ: أُكَمِّلُهُمْ لَكَ مِنَ الْأَعْرَابِ مِمَّنْ لَا يَصُومُ وَلَا يُصَلِّي. قَالَ الْكَلَابَاذِيُّ: الْمُرَادُ بِالْأُمَّةِ أَوَّلًا أُمَّةُ الْإِجَابَةِ، وَبِقَوْلِهِ آخِرًا أُمَّتِي أُمَّةُ الِاتِّبَاعِ، فَإِنَّ أُمَّتَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَخَصُّ مِنَ الْآخَرِ أُمَّةُ الِاتِّبَاعِ، ثُمَّ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ، ثُمَّ أُمَّةُ الدَّعْوَةِ، فَالْأُولَى أَهْلُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالثَّانِيَةُ مُطْلَقُ الْمُسْلِمِينَ، وَالثَّالِثَةُ مَنْ عَدَاهُمْ مِمَّنْ بُعِثَ إِلَيْهِمْ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ هُوَ مِقْدَارُ الْحَثَيَاتِ، فَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: هَكَذَا، وَجَمَعَ كَفَّيْهِ فَقَالَ: زِدْنَا، فَقَالَ: وَهَكَذَا فَقَالَ عُمَرُ: حَسْبُكَ أَنَّ اللَّهَ إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ خَلْقَهُ الْجَنَّةَ بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ : صَدَقَ عُمَرُ، وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ لَكِنِ اخْتُلِفَ عَلَى قَتَادَةَ فِي سَنَدِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.

قَوْلُهُ: فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا، يُقَالُ: عَكِشَ الشَّعْرُ وَيَعْكَشُ إِذَا الْتَوَى حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ مِنْ عَكَشَ الْقَوْمُ إِذَا حَمَلَ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ الْعُكَاشَةُ بِالتَّخْفِيفِ الْعَنْكَبُوتُ، وَيُقَالُ أَيْضًا لِبَيْتِ النَّمْلِ، وَمِحْصَنُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ نُونٌ آخِرُهُ هُوَ ابْنُ حُرْثَانَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ. كَانَ عُكَّاشَةُ مِنَ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ الرِّجَالِ وَكُنْيَتُهُ أَبُو مِحْصَنٍ، وَهَاجَرَ وَشَهِدَ بَدْرًا، وَقَاتَلَ فِيهَا، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: خَيْرُ فَارِسٍ فِي الْعَرَبِ عُكَّاشَةُ، وَقَالَ أَيْضًا: قَاتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى انْقَطَعَ سَيْفُهُ فِي يَدِهِ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ جَزْلًا مِنْ حَطَبٍ فَقَالَ: قَاتِلْ بِهَذَا، فَقَاتَلَ بِهِ فَصَارَ فِي يَدِهِ سَيْفًا طَوِيلًا شَدِيدَ الْمَتْنِ أَبْيَضَ فَقَاتَلَ بِهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ،