مَلْأَى فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ تَسْخَرُ مِنِّي أَوْ تَضْحَكُ مِنِّي وَأَنْتَ الْمَلِكُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ وَكَانَ يَقُولُ ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً"
[الحديث ٦٥٧١ - طرفه في: ٧٥١١]
٦٥٧٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ "عَنْ الْعَبَّاسِ ﵁ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ"
قَوْلُهُ: بَابُ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ تَقَدَّمَ هَذَا فِي بَدْءِ الْخَلْقِ فِي تَرْجَمَتَيْنِ، وَوَقَعَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ وَأَوْرَدَ فِيهِمَا أَحَادِيثَ فِي تَثْبِيتِ كَوْنِهِمَا مَوْجُودَتَيْنِ، وَأَحَادِيثَ فِي صِفَتِهِمَا أَعَادَ بَعْضَهَا فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ: كَبِدُ الْحُوتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مُطَوَّلًا فِي بَابُ يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ مَذْكُورٌ هُنَا بِالْمَعْنَى، وَتَقَدَّمَ بِلَفْظِهِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ لَكِنْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي سُؤَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ.
قَوْلُهُ: عَدْنٍ: خُلْدٍ؛ عَدَنْتُ بِأَرْضٍ أَقَمْتُ، تَقَدَّمَ هَذَا فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٌ، وَأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: جَنَّاتُ عَدْنٍ أَيِ الِاسْتِقْرَارُ، وَعَدَنَ بِمَكَانِ كَذَا إِذَا اسْتَقَرَّ بِهِ، وَمِنْهُ الْمَعْدِنُ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِرَّ الْجَوَاهِرِ.
قَوْلُهُ: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ فِي مَنْبِتِ صِدْقٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ فِي مَعْدِنٍ بَدَلَ مَقْعَدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَكَأَنَّ سَبَبَ الْوَهْمِ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ، وَأَنَّ مِنْ أَوْصَافِهَا مَقْعَدَ صِدْقٍ كَمَا فِي آخِرِ سُورَةِ الْقَمَرِ ظَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بِلَفْظِ: مَعْدِنِ صِدْقٍ وَأَنْشَدَ لِلْأَعْشَى قَوْلَهُ:
فَإِنْ يَسْتَضِيفُوا إِلَى حِلْمِهِ … يُضَافُوا إِلَى رَاجِحٍ قَدْ عَدَنْ
أَيْ أقَامَ وَاسْتَقَرَّ نَعَمْ قَوْلُهُ: مَقْعَدَ صِدْقٍ مَعْنَاهُ مَكَانَ الْقُعُودِ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الْمَعْدِنِ، وَلَمَحَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِأَسْمَاءِ الْجَنَّةِ، وَهِيَ عَشَرَةٌ أَوْ تَزِيدُ؛ الْفِرْدَوْسُ، وَهُوَ أَعْلَاهَا، وَدَارُ السَّلَامِ، وَدَارُ الْخُلْدِ، وَدَارُ الْمُقَامَةِ، وَجَنَّةُ الْمَأْوَى، وَالنَّعِيمُ، وَالْمَقَامُ الْأَمِينُ، وَعَدْنُ، وَمَقْعَدُ صِدْقٍ، وَالْحُسْنَى، وَكُلُّهَا فِي الْقُرْآنِ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾ فَعَدَّ بَعْضُهُمْ فِي أَسْمَاءِ الْجَنَّةِ دَارَ الْحَيَوَانِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَذَكَرَ فِي الْبَابِ مَعَ ذَلِكَ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ حَدِيثًا.
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ:
قَوْلُهُ: عَنْ أَبِي رَجَاءٍ هُوَ الْعُطَارِدِيُّ، وَعِمْرَانُ هُوَ ابْنُ حُصَيْنٍ، وَالسَّنَدُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ بِهَذَا السَّنَدِ فِي آخِرِ بَابُ كُفْرَانِ الْعَشِيرِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابُ فَضْلِ الْفَقْرِ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ عَلَى أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ فِي صَحَابِيِّهِ، وَتَقَدَّمَ بَحْثُ ابْنِ بَطَّالٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ فَضْلِ الْفَقْرِ، وَقَوْلُهُ: اطَّلَعْتُ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَيْ أَشْرَفْتُ، وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي بَعْدَهُ: قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ أَوْ مَنَامًا، وَهُوَ غَيْرُ رُؤْيَتِهِ النَّارَ، وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَوَهِمَ مَنْ وَحَّدَهُمَا وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: رَأَى ذَلِكَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، أَوْ حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ كَذَا قَالَ.
قَوْلُهُ: فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ: فَإِذَا