عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ، وَقَوْلُهُ: فَإِذَا أَكْثَرُ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا.
قَوْلُهُ: (بِكُفْرِهِنَّ) أَيْ بِسَبَبِ كُفْرِهِنَّ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابُ كُفْرَانِ الْعَشِيرِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِنَّمَا كَانَ النِّسَاءُ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ؛ لِمَا يَغْلِبُ عَلَيْهِنَّ مِنَ الْهَوَى وَالْمَيْلِ إِلَى عَاجِلِ زِينَةِ الدُّنْيَا، وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْآخِرَةِ لِنَقْصِ عَقْلِهِنَّ، وَسُرْعَةِ انْخِدَاعِهِنَّ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي:
قَوْلُهُ: (إِسْمَاعِيلُ) هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ، وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ، وَأُسَامَةُ هُوَ ابْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الصَّحَابِيُّ ابْنُ الصَّحَابِيِّ.
قَوْلُهُ: أَصْحَابُ الْجَدِّ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيِ الْغِنَى.
قَوْلُهُ: مَحْبُوسُونَ أَيْ مَمْنُوعُونَ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ مَعَ الْفُقَرَاءِ مِنْ أَجْلِ الْمُحَاسَبَةِ عَلَى الْمَالِ، وَكَأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَنْطَرَةِ الَّتِي يَتَقَاصُّونَ فِيهَا بَعْدَ الْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ.
(تَنْبِيهٌ): سَقَطَ هَذَا الْحَدِيثُ وَالَّذِي قَبْلَهُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ، وَمَنْ مُسْتَخْرَجَيِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَلَا ذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ طَرِيقَ عُثْمَانَ بْنَ الْهَيْثَمِ، وَلَا طَرِيقَ مُسَدَّدٍ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ، وَهُمَا ثَابِتَانِ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ شُيُوخِهِ الثَّلَاثَةِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ:
قَوْلُهُ: عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، أَيِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَصَارَ أَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ.
قَوْلُهُ: جِيءَ بِالْمَوْتِ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ مَرْيَمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، وَذَكَرَ مُقَاتِلٌ، وَالْكَلْبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ﴾ قَالَ: خَلَقَ الْمَوْتَ فِي صُورَةِ كَبْشٍ لَا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا مَاتَ، وَخَلَقَ الْحَيَاةَ عَلَى صُورَةِ فَرَسٍ لَا يَمُرُّ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا حَيِيَ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْحِكْمَةُ فِي الْإِتْيَانِ بِالْمَوْتِ هَكَذَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّهُمْ حَصَلَ لَهُمُ الْفِدَاءُ لَهُ كَمَا فُدِيَ وَلَدُ إِبْرَاهِيمَ بِالْكَبْشِ، وَفِي الْأَمْلَحِ إِشَارَةٌ إِلَى صِفَتَيْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ؛ لِأَنَّ الْأَمْلَحَ مَا فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ.
قَوْلُهُ: حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَقَعَ لِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَيُوقَفُ عَلَى السُّورِ الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.
قَوْلُهُ: ثُمَّ يُذْبَحُ لَمْ يُسَمِّ مَنْ ذَبَحَهُ، وَنَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ الَّذِي يَذْبَحُهُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ إِشَارَةً إِلَى دَوَامِ الْحَيَاةِ، وَعَنْ بَعْضِ التَّصَانِيفِ أَنَّهُ جِبْرِيلُ. قُلْتُ: هُوَ فِي تَفْسِيرِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الشَّامِيِّ أَحَدُ الضُّعَفَاءِ فِي آخِرِ حَدِيثِ الصُّورِ الطَّوِيلِ، فَقَالَ فِيهِ: فَيُحْيِي اللَّهُ - تَعَالَى - مَلَكَ الْمَوْتِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَيَجْعَلُ الْمَوْتَ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيَذْبَحُ جِبْرِيلُ الْكَبْشَ، وَهُوَ الْمَوْتُ.
قَوْلُهُ: ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الذَّبْحَ يَقَعُ بَعْدَ النِّدَاءِ، وَالَّذِي هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ النِّدَاءَ بَعْدَ الذَّبْحِ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّ النِّدَاءَ الَّذِي قَبْلَ الذَّبْحِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى رُؤْيَةِ الْكَبْشِ، وَالَّذِي بَعْدَ الذَّبْحِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى إِعْدَامِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَعُودُ.
قَوْلُهُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا مَوْتَ زَادَ فِي الْبَابِ الْمَاضِي خُلُودٌ ووَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ وَعَرَفَهُ وَذَكَرَ فِي أَهْلِ النَّارِ مِثْلُهُ قَالَ: فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ - أَيِ الْمُنَادِي -: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ: ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فِي آخِرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: فَلَوْ أَنَّ أَحَدًا مَاتَ فَرَحًا لَمَاتَ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدًا مَاتَ حُزْنًا لَمَاتَ أَهْلُ النَّارِ وَقَوْلُهُ: فَيَشْرَئِبُّونَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ مَهْمُوزَةٌ، ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ ثَقِيلَةٌ، أَيْ يَمُدُّونَ أَعْنَاقَهُمْ وَيَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ لِلنَّظَرِ.
وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَيُوقَفُ عَلَى الصِّرَاطِ فَيُقَالُ: