عُتَقَاءُ اللَّهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَزَادَ فَيَدْعُونَ اللَّهَ فَيُذْهِبُ عَنْهُمْ هَذَا الِاسْمَ وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الْبَعْثِ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْهُ قَالَ لَهُمُ الْجَهَنَّمِيُّونَ فَذَكَرَ لِي أَنَّهُمُ اسْتَعْفَوُا اللَّهَ مِنْ ذَلِكَ الِاسْمِ فَأعْفَاهُمْ. وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ تَنْقِيصًا لَهُمْ، بَلْ لِلِاسْتِذْكَارِ لِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيَزْدَادُوا بِذَلِكَ شُكْرًا كَذَا قَالَ، وَسُؤَالُهُمْ إِذْهَابَ ذَلِكَ الِاسْمِ عَنْهُمْ يَخْدِشُ فِي ذَلِكَ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ:
قَوْلُهُ: حَدَّثَنَا مُوسَى هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَوُهَيْبٌ هُوَ ابْنُ خَالِدٍ، وَعَمْرٌو هُوَ ابْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ، وَأَبُوهُ يَحْيَى هُوَ ابْنُ عِمَارَةَ بْنِ أَبِي حَسَنٍ الْمَازِنِيُّ.
قَوْلُهُ: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، يَقُولُ اللَّهُ - تَعَالَى -: مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ هَكَذَا رَوَى يَحْيَى بْنُ عِمَارَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ آخِرَ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَهُ، وَرَوَاهُ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مُطَوَّلًا وَأَوَّلُهُ الرُّؤْيَةُ وَكَشْفُ السَّاقِ وَالْعَرْضُ، وَنَصْبُ الصِّرَاطِ وَالْمُرُورُ عَلَيْهِ، وَسُقُوطُ مَنْ يَسْقُطُ وَشَفَاعَةُ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِخْوَانِهِمْ، وَقَوْلُ اللَّهِ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ صُورَتَهُ، وَفِيهِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ دِينَارٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَفِيهِ قَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى -: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيَخْرُجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ صَارُوا حِمَمًا، وَقَدْ سَاقَ الْمُصَنِّفُ أَكْثَرَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ، وَسَأَذْكُرُ فَوَائِدَهُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الطَّرِيقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَتَقَدَّمَتْ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ طَرِيقٌ أُخْرَى فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي بَابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الْإِيمَانِ فِي الْأَعْمَالِ وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ هُنَاكَ، وَاسْتَدَلَّ الْغَزَالِيُّ بِقَوْلِهِ: مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ عَلَى نَجَاةِ مَنْ أَيْقَنَ بِذَلِكَ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النُّطْقِ بِهِ الْمَوْتُ، وَقَالَ فِي حَقِّ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَأَخَّرَ فَمَاتَ يَحْتَمِلُ أَنَّ يكون امْتِنَاعه عَنِ النُّطْقِ بِمَنْزِلَةِ امْتِنَاعِهِ عَنِ الصَّلَاةِ، فَيَكُونُ غَيْرَ مُخَلَّدٍ فِي النَّارِ، وَيَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ، وَرَجَّحَ غَيْرُهُ الثَّانِيَ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: فِي قَلْبِهِ فَيُقَدَّرُ فِيهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مُنْضَمًّا إِلَى النُّطْقِ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ:
حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنَ الْآخَرِ لَكِنْ فِي الْعَالِي عَنْعَنَةُ أَبِي إِسْحَاقَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّبِيعِيِّ، وَفِي النَّازِلِ تَصْرِيحُهُ بِالسَّمَاعِ فَانْجَبَرَ مَا فَاتَهُ مِنَ الْعُلُوِّ الْحِسِّيِّ بِالْعُلُوِّ الْمَعْنَوِيِّ، وَإِسْرَائِيلُ فِي الطَّرِيقين هُوَ ابْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَذْكُورُ، وَالنُّعْمَانُ هُوَ ابْنُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَوَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ جَمِيعًا عَنْ غُنْدَرٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، عَنِ إسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا) قَالَ ابْنُ التِّينِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ. قُلْتُ: وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْمَبْعَثِ النَّبَوِيِّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ، وَلَفْظُهُ: أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ.
قَوْلُهُ: أَخْمَصَ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَزْنَ أَحْمَرَ، مَا لَا يَصِلُ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ بَاطِنِ الْقَدَمِ عِنْدَ الْمَشْيِ.
قَوْلُهُ: جَمْرَةً فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ جَمْرَتَانِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ: عَلَى أَخْمَصَ قَدَمِهِ جَمْرَتَانِ قَالَ ابْنُ التِّينِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْجَمْرَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْأُخْرَى لِعِلْمِ السَّامِعِ بِأَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ قَدَمَيْنِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: مَنْ لَهُ نَعْلَانِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَهُ نَحْوَهُ وَقَالَ: يَغْلِي دِمَاغُهُ مِنْ حَرَارَةِ نَعْلِهِ.
قَوْلُهُ: مِنْهَا دِمَاغُهُ فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ مِنْهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ، وَكَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَوْلُهُ: كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ بِالْقُمْقُمِ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ: لَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ عَذَابًا مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا، وَالْمِرْجَلُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ