للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِيُحَاسَبَ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ الطَّوِيلِ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى فَأَقُولُ: يَا رَبِّ وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ فَشَفِّعْنِي فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ اللَّهُ: وَقَدْ شَفَّعْتُكَ فِيهِمْ، وَأَذِنْتُ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ قُلْتُ: وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْعَرْضَ وَالْمِيزَانَ وَتَطَايُرَ الصُّحُفِ يَقَعُ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ ثُمَّ يُنَادِي الْمُنَادِي لِيَتْبَعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَنْ كَانَتْ تَعْبُدُ، فَيَسْقُطُ الْكُفَّارُ فِي النَّارِ، ثُمَّ يُمَيَّزُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ بِالِامْتِحَانِ بِالسُّجُودِ عِنْدَ كَشْفِ السَّاقِ، ثُمَّ يُؤْذَنُ فِي نَصْبِ الصِّرَاطِ وَالْمُرُورِ عَلَيْهِ، فَيُطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ فَيَسْقُطُونَ فِي النَّارِ أَيْضًا، وَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ عَلَيْهِ إِلَى الْجَنَّةِ فَمِنَ الْعُصَاةِ مَنْ يَسْقُطُ وَيُوقَفُ بَعْضُ مَنْ نَجَا عِنْدَ الْقَنْطَرَةِ لِلْمُقَاصَصَةِ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.

ثُمَّ وَقَفْتُ فِي تَفْسِيرِ يَحْيَى بْنِ سَلَامٍ الْبَصْرِيِّ نَزِيلِ مِصْرَ ثُمَّ إِفْرِيقِيَةَ - وَهُوَ فِي طَبَقَةِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: صَدُوقٌ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رُبَّمَا وَهِمَ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ مَعَ ضَعْفِهِ - فَنَقَلَ فِيهِ عَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، بَقِيَتْ زُمْرَةٌ مِنْ آخِرِ زُمَرِ الْجَنَّةِ إِذَا خَرَجَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الصِّرَاطِ بِأَعْمَالِهِمْ فَيَقُولُ آخِرُ زُمْرَةٍ مِنْ زُمَرِ النَّارِ لَهُمْ، وَقَدْ بَلَغَتِ النَّارُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ أَمَّا نَحْنُ فَقَدْ أَخَذْنَا بِمَا فِي قُلُوبِنَا مِنَ الشَّكِّ وَالتَّكْذِيبِ فَمَا نَفَعَكُمْ أَنْتُمْ تَوْحِيدُكُمْ؟ قَالَ: فَيَصْرُخُونَ عِنْدَ ذَلِكَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ فَيَسْمَعُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِتْيَانِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ الْمَذْكُورِينَ قَبْلُ وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى مُحَمَّدٍ فَيَنْطَلِقُ فَيَأْتِي رَبَّ الْعِزَّةِ فَيَسْجُدُ لَهُ حَتَّى يَأْمُرَهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ يَسْأَلُهُ مَا تُرِيدُ؟ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ فَيَقُولُ: رَبِّ أُنَاسٌ مِنْ عِبَادِكَ أَصْحَابُ ذُنُوبٍ لَمْ يُشْرِكُوا بِكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِمْ، فَعَيَّرَهُمْ أَهْلُ الشِّرْكِ بِعِبَادَتِهِمْ إِيَّاكَ فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي لَأُخْرِجَنَّهُمْ فَيُخْرِجُهُمْ قَدِ احْتَرَقُوا فَيَنْضَحُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى يَنْبُتُوا ثُمَّ، يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيِّينَ، فَيَغْبِطُهُ عِنْدَ ذَلِكَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾.

قُلْتُ: فَهَذَا لَوْ ثَبَتَ لَرَفَعَ الْإِشْكَالَ، لَكِنَّ الْكَلْبِيَّ ضَعِيفٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُسْنِدْهُ، ثُمَّ هُوَ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنْ سُؤَالَ الْمُؤْمِنِينَ الْأَنْبِيَاءَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إِنَّمَا يَقَعُ فِي الْمَوْقِفِ قَبْلَ دُخُولِ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ تَمَسَّكَ بَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ مِنَ الْمُرْجِئَةِ بِالِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُوَحِّدِينَ لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَصْلًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِمَا جَاءَ مِنْ أَنَّ النَّارَ تَسْفَعُهُمْ أَوْ تَلْفَحُهُمْ، وَمَا جَاءَ فِي الْإِخْرَاجِ مِنَ النَّارِ جَمِيعُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَقَعُ لَهُمْ مِنَ الْكَرْبِ فِي الْمَوْقِفِ، وَهُوَ تَمَسُّكٌ بَاطِلٌ وَأَقْوَى مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ مَانِعِ الزَّكَاةِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ: مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا مِنْهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، أَوْفَرَ مَا كَانَتْ تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ ذِكْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى تَعْذِيبِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْعُصَاةِ بِالنَّارِ حَقِيقَةً زِيَادَةً عَلَى كَرْبِ الْمَوْقِفِ. وَوَرَدَ فِي سَبَبِ إِخْرَاجِ بَقِيَّةِ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ النَّارِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْكُفَّارَ يَقُولُونَ لَهُمْ مَا أَغْنَى عَنْكُمْ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنْتُمْ مَعَنَا فَيَغْضَبُ اللَّهُ لَهُمْ فَيُخْرِجُهُمْ، وَهُوَ مِمَّا يُرَدُّ بِهِ عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ الْمَذْكُورِينَ، وَسَأَذْكُرُهُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ، فَأَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ ثَانِيًا فَأَسْتَأْذِنُ إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ أَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا ثَالِثًا، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ، وَلَمْ