٦٥٧٤ - قَالَ عَطَاءٌ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ "هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ" قَالَ أَبُو سَعِيدٍ "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ" قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَفِظْتُ مِثْلُهُ مَعَهُ"
قَوْلُهُ: بَابُ الصِّرَاطُ جِسْرُ جَهَنَّمَ، أَيِ الْجِسْرُ الْمَنْصُوبُ عَلَى جَهَنَّمَ لِعُبُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا، وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ لَفْظُ الْجِسْرِ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ الْمَاضِيَةِ فِي بَابُ فَضْلِ السُّجُودِ بِلَفْظِ: ثُمَّ يُضْرَبُ الصِّرَاطُ، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ فِي التَّرْجَمَةِ إِلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَعِيدٌ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا، فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ.
قَوْلُهُ: وَحَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، هُوَ ابْنُ غَيْلَانَ، وَسَاقَهُ هُنَا عَلَى لَفْظِ مَعْمَرٍ، وَلَيْسَ فِي سَنَدِهِ ذِكْرُ سَعِيدٍ، وَكَذَا يَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ سَعِيدٍ، وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: قَالَ أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: إِنَّ النَّاسَ قَالُوا، وَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ بِلَفْظِ: قُلْنَا.
قَوْلُهُ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فِي التَّقْيِيدِ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ السُّؤَالَ لَمْ يَقَعْ عَنِ الرُّؤْيَةِ فِي الدُّنْيَا، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الرُّؤْيَةِ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْبَحْثِ فِيهِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ وَقَعَ عَلَى سَبَبٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ الْحَشْرَ وَالْقَوْلُ: لِتَتْبَعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، وَقَوْلُ الْمُسْلِمِينَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى نَرَى رَبَّنَا. قَالُوا: وَهَلْ نَرَاهُ، فَذَكَرَهُ وَمَضَى فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ مِنْ رِوَايَةِ جَرِيرٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ سَتُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّكُمْ فَتَرَوْنَهُ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، الْحَدِيثُ مُخْتَصَرٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ وَقَعَ عِنْدَ سُؤَالِهِمُ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: هَلْ تُضَارُّونَ، بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ بِصِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ مِنَ الضَّرَرِ، وَأَصْلُهُ: تُضَارِرُونَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِهَا، أَيْ: لَا تَضُرُّونَ أَحَدًا وَلَا يَضُرُّكُمْ بِمُنَازَعَةٍ وَلَا مُجَادَلَةٍ وَلَا مُضَايِقَةٍ، وَجَاءَ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ مِنَ الضَّيْرِ، وَهُوَ لُغَةٌ فِي الضُّرِّ أَيْ لَا يُخَالِفُ بَعْضٌ بَعْضًا، فَيُكَذِّبُهُ وَيُنَازِعُهُ فَيُضِيرُهُ بِذَلِكَ، يُقَالُ: ضَارَّهُ يُضِيرُهُ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا تَضَايَقُونَ، أَيْ: لَا تَزَاحَمُونَ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: لَا تُضَامُّونَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ أَوَّلِهِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا يَحْجُبُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا عَنِ الرُّؤْيَةِ فَيُضِرُّ بِهِ، وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ: ضَرَّنِي فُلَانٌ إِذَا دَنَا مِنِّي دُنُوًّا شَدِيدًا، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: فَالْمُرَادُ الْمُضَارَّةُ بِازْدِحَامٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَوَّلُهُ مَضْمُومٌ مُثَقَّلًا وَمُخَفَّفًا، قَالَ: وَرَوَى تَضَامُّونَ بِالتَّشْدِيدِ مَعَ فَتْحِ أَوَّلِهِ وَهُوَ بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَهُوَ مِنَ الضَّمِّ، وَبِالتَّخْفِيفِ مَعَ ضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الضَّيْمِ، وَالْمُرَادُ الْمَشَقَّةُ وَالتَّعَبُ، قَالَ: وَقَالَ عِيَاضٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الَّذِي بِالرَّاءِ وَبِالْمِيمِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالتَّشْدِيدِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا، وَكُلُّهُ صَحِيحٌ ظَاهِرُ الْمَعْنَى، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: لَا تُضَامُونَ أَوْ تُضَاهُونَ، بِالشَّكِّ كَمَا مَضَى فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَمَعْنَى الَّذِي بِالْهَاءِ: لَا يَشْتِبَهُ عَلَيْكُمْ، وَلَا تَرْتَابُونَ فِيهِ فَيُعَارِضُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمَعْنَى الضَّيْمِ الْغَلَبَةُ عَلَى الْحَقِّ وَالِاسْتِبْدَادُ بِهِ، أَيْ: لَا يَظْلِمُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَتَقَدَّمَ فِي بَابُ فَضْلِ السُّجُودِ مِنْ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ:
هَلْ تُمَارُونَ، بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، أَيْ: تُجَادِلُونَ فِي ذَلِكَ، أَوْ يَدْخُلُكُمْ فِيهِ شَكٌّ مِنَ الْمِرْيَةِ وَهُوَ الشَّكُّ، وَجَاءَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ: تَتَمَارَوْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute