للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قُدَّامَكُمْ، (حَوْض) فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ: حَوْضِي، بِزِيَادَةِ يَاءِ الْإِضَافَةِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي عِنْدَ كُلِّ مَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ كَمُسْلِمٍ.

قَوْلُهُ: كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ، أَمَّا جَرْبَاءُ فَهِيَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ بِلَفْظِ تَأْنِيثِ أَجْرَبَ، قَالَ عِيَاضٌ: جَاءَتْ فِي الْبُخَارِيِّ مَمْدُودَةً، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الصَّوَابُ أَنَّهَا مَقْصُورَةٌ، وَكَذَا ذَكَرَهَا الْحَازِمِيُّ وَالْجُمْهُورُ، قَالَ: وَالْمَدُّ خَطَأٌ، وَأَثْبَتَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ الْمَدَّ وَجَوَّزَ الْقَصْرَ، وَيُؤَيِّدُ الْمَدَّ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ الْبَكْرِيِّ: هِيَ تَأْنِيثُ أَجْرَبَ، وَأَمَّا أَذْرُحُ فَبِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ، قَالَ عِيَاضٌ: كَذَا لِلْجُمْهُورِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْعُذْرِيِّ فِي مُسْلِمٍ بِالْجِيمِ وَهُوَ وَهَمٌ. قُلْتُ: وَسَأَذْكُرُ الْخِلَافَ فِي تَعْيِينِ مَكَانَيْ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الحديث السادس إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَوْثَرِ. وَقَوْلُهُ هُنَا: هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ مَكْسُورَةٌ، ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٌ ثَقِيلَةٌ، ثُمَّ هَاءُ تَأْنِيثٍ، وَاسْمُ أَبِي وَحْشِيَّةَ: إِيَاسٌ.

قَوْلُهُ: وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ) هُوَ الْمُحَدِّثُ الْمَشْهُورُ كُوفِيٌّ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، صَدُوقٌ اخْتُلِطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَسَمَاعُ هُشَيْمٍ مِنْهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ، وَلِذَلِكَ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا بِأَبِي بِشْرٍ، وَمَا لَهُ عِنْدَهُ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ، وَقَدْ مَضَى فِي تَفْسِيرِ الْكَوْثَرِ، مِنْ جِهَةِ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَحْدَهُ، وَلِعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فِي ذِكْرِ الْكَوْثَرِ سَنَدٌ آخَرُ، عَنْ شَيْخٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ الْكَوْثَرِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: مَا كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقُولُ فِي الْكَوْثَرِ؟ قُلْتُ: كَانَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، فَقَالَ مُحَارِبٌ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ … فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ، مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَزَادَ فَقَالَ مُحَارِبٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا أَقَلَّ مَا يَسْقُطُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا وَاللَّهِ هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَوْلُهُ (نَافِعٌ) هُوَ ابْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ الْمَكِّيُّ.

قَوْلُهُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ بِسَنَدِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَدْ خَالَفَ نَافِعُ بْنُ عُمَرَ فِي صَحَابِيِّهِ، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، فَقَالَ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَنَافِعُ بْنُ عُمَرَ أَحْفَظُ مِنِ ابْنِ خُثَيْمٍ.

قَوْلُهُ: حَوْضِي مَسِيرَةَ شَهْرٍ) زَادَ مُسْلِمٌ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي رِوَايَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَدْفَعُ تَأْوِيلَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الْأَحَادِيثِ فِي تَقْدِيرِ مَسَافَةِ الْحَوْضِ عَلَى اخْتِلَافِ الْعَرْضِ وَالطُّولِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي بَعْدَهُ: كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ، وَأَيْلَةُ مَدِينَةٌ كَانَتْ عَامِرَةً وَهِيَ بِطَرَفِ بَحْرِ الْقُلْزُمِ مِنْ طَرَفِ الشَّامِ وَهِيَ الْآنَ خَرَابٌ يَمُرُّ بِهَا الْحَاجُّ مِنْ مِصْرَ، فَتَكُونُ شَمَالِيَّهُمْ، وَيَمُرُّ بِهَا الْحَاجُّ مِنْ غَزَّةَ وَغَيْرِهَا فَتَكُونُ أَمَامَهُمْ، وَيَجْلِبُونَ إِلَيْهَا الْمِيرَةَ مِنَ الْكُرْكِ وَالشَّوْبَكِ وَغَيْرِهِمَا يَتَلَقَّوْنَ بِهَا الْحَاجَّ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَإِلَيْهَا تُنْسَبُ الْعَقَبَةُ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ نَحْوَ الشَّهْرِ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ إِنِ اقْتَصَرُوا كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مَرْحَلَةٍ، وَإِلَّا فَدُونَ ذَلِكَ، وَهِيَ مِنْ مِصْرَ عَلَى أَكْثَرِ مِنَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يُصِبْ مَنْ قَالَ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ: إِنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِمَّا بَيْنَ مِصْرَ وَمَكَّةَ، بَلْ هِيَ دُونَ الثُّلُثِ؛ فَإِنَّهَا أَقْرَبُ إِلَى مِصْرَ.

وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَيْلَةَ شِعْبٌ مِنْ جَبَلِ رَضْوَى الَّذِي فِي يَنْبُعَ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ اسْمٌ وَافَقَ اسْمًا، وَالْمُرَادُ بِأَيْلَةَ فِي الْخَبَرِ هِيَ الْمَدِينَةُ الْمَوْصُوفَةُ آنِفًا، وَقَدْ ثَبَتَ ذِكْرُهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي قِصَّةِ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَفِيهِ: أَنَّ صَاحِبَ أَيْلَةَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ