للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُوصَفْ بِالتَّدْلِيسِ فَيُحْمَلُ عَلَى السَّمَاعِ. وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ الْفُرَاتَ بْنَ خَالِدٍ أَدْخَلَ بَيْنَ زُرَارَةَ وَبَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ، وَهُوَ خَطَأٌ فَإِنَّ زُرَارَةَ مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَكَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ عَنْ زُرَارَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، فَظَنَّهُ آخَرَ أُبْهِمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (لِأُمَّتِي) فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي.

قَوْلُهُ: (عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا) فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا وَلَمْ يَتَرَدَّدْ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مَا وَسْوَسَتْ بِهَا صُدُورُهَا وَلَمْ يَتَرَدَّدْ أَيْضًا، وَضَبْطُ أَنْفُسِهَا بِالنَّصْبِ لِلْأَكْثَرِ وَلِبَعْضِهِمْ بِالرَّفْعِ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ بِالثَّانِي وَبِهِ جَزَمَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُرِيدُونَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾

قَوْلُهُ: (مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ أَوْ تَتَكَلَّمْ بِهِ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ النِّسْيَانِ، وَإِنَّمَا فِيهِ ذِكْرُ مَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ الْإِنْسَانِ. قُلْتُ: مُرَادُ الْبُخَارِيِّ إِلْحَاقُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى النِّسْيَانِ بِالتَّجَاوُزِ ; لِأَنَّ النِّسْيَانَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ عَمَلِ الْقَلْبِ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: قَاسَ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ عَلَى الْوَسْوَسَةِ، فَكَمَا أَنَّهَا لَا اعْتِبَارَ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ التَّوَطُّنِ فَكَذَا النَّاسِي وَالْمُخْطِئُ لَا تَوْطِينَ لَهُمَا.

وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُنْكَرَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنَّمَا تُعْرَفُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَدِيثُ عِنْدَ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ الْوَلِيدِ فَلَعَلَّهُ دَخَلَ لَهُ بَعْضُ حَدِيثٍ فِي حَدِيثٍ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، الْحُمَيْدِيُّ وَهُوَ أَعْرَفُ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِحَدِيثِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْعِتْقِ عَنْهُ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ، وَابْنِ الْمُقْرِي، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمِنَ الْمَخْزُومِيِّ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ.

قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: فِيهِ أَنَّ الْوُجُودَ الذِّهْنِيَّ لَا أَثَرَ لَهُ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِالْوُجُودِ الْقَوْلِيِّ فِي الْقَوْلِيَّاتِ وَالْعَمَلِيِّ فِي الْعَمَلِيَّاتِ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَا يَرَى الْمُؤَاخَذَةَ بِمَا وَقَعَ فِي النَّفْسِ وَلَوْ عَزَمَ عَلَيْهِ، وَانْفَصَلَ مَنْ قَالَ يُؤَاخَذُ بِالْعَزْمِ بِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْعَمَلِ يَعْنِي عَمَلَ الْقَلْبِ. قُلْتُ: وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْجَوَارِحِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ مَا لَمْ يَعْمَلْ يُشْعِرُ بِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فِي الصَّدْرِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ سَوَاءٌ تَوَطَّنَ بِهِ أَمْ لَمْ يَتَوَطَّنْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ الرِّقَاقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ لَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى عَظِيمِ قَدْرِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ لِأَجْلِ نَبِيِّهَا لِقَوْلِهِ: تَجَاوَزَ لِي وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِاخْتِصَاصِهَا بِذَلِكَ، بَلْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ كَانَ حُكْمَ النَّاسِي كَالْعَامِدِ فِي الْإِثْمِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْإِصْرِ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي شَكْوَاهُمْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ لَهُمْ: تُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا مِثْلَ مَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا، بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، فَقَالُوهَا فَنَزَلَتْ ﴿آمَنَ الرَّسُولُ﴾ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، وَفِيهِ قَوْلُهُ: ﴿لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قَالَ نَعَمْ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِهِ، وَفِيهِ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَوْ مُحَمَّدٌ عَنْهُ) وَقَعَ مِثْلُ هَذَا فِي بَابُ الذَّرِيرَةِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ اللِّبَاسِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْهَيْثَمِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (كُنْتُ أَحْسَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا قَبْلَ كَذَا وَكَذَا) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ إِنِّي كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ كَذَا قَبْلَ كَذَا.

قَوْلُهُ (لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثُ) قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ ذَلِكَ خَاصًّا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَأَنَّ