اللَّهِ ﷺ نَسْتَحْمِلُهُ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا فَحَمَلَنَا، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ بَلْ اللَّهُ حَمَلَكُمْ، إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وكفرت.
٦٧١٩ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَقَالَ "إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ أَوْ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ"
٦٧٢٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ "سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ سُلَيْمَانُ لَاطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً كُلٌّ تَلِدُ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي الْمَلَكَ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَنَسِيَ فَطَافَ بِهِنَّ فَلَمْ تَأْتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ بِوَلَدٍ إِلاَّ وَاحِدَةٌ بِشِقِّ غُلَامٍ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ قَالَ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ دَرَكًا لَهُ فِي حَاجَتِهِ وَقَالَ مَرَّةً قال رسول الله ﷺ: "لَوْ اسْتَثْنَى" وَحَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأَيْمَانِ)، وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: الْيَمِينِ، وَعَلَيْهَا شَرْحُ ابْنِ بَطَّالٍ، وَالِاسْتِثْنَاءُ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الثُّنْيَا بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ النُّونِ، بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ، وَيُقَالُ لَهَا: الثَّنْوَى أَيْضًا بِوَاوٍ بَدَلَ الْيَاءِ مَعَ فَتْحِ أَوَّلِهِ، وَهِيَ مِنْ ثَنَيْتُ الشَّيْءَ إِذَا عَطَفْتَهُ كَأَنَّ الْمُسْتَثْنِي عَطَفَ بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي الِاصْطِلَاحِ إِخْرَاجُ بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ، وَأَدَاتُهَا إِلَّا وَأَخَوَاتُهَا، وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى التَّعَالِيقِ، وَمِنْهَا التَّعْلِيقُ عَلَى الْمَشِيئَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، فَإِذَا قَالَ: لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اسْتَثْنَى، وَكَذَا إِذَا قَالَ: لَا أَفْعَلُ كَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ أَنْ يَقُولَ: إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ إِلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَوْ أَتَى بِالْإِرَادَةِ وَالِاخْتِيَارِ بَدَلَ الْمَشِيئَةِ جَازَ، فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ إِذَا أَثْبَتَ أَوْ فَعَلَ إِذَا نَفَى لَمْ يَحْنَثْ، فَلَوْ قَالَ: إِلَّا إِنْ غَيَّرَ اللَّهُ نِيَّتِي، أَوْ بَدَّلَ، أَوْ إِلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ يَظْهَرَ، أَوْ إِلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ أُرِيدَ، أَوْ أَخْتَارَ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ أَيْضًا، لَكِنْ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْحُكْمِ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالْمُسْتَثْنَى بِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْقَصْدُ إِلَيْهِ بِغَيْرِ لَفْظٍ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ خَرَّجَ - مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: إِنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ - أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُجْزِئُ بِالنِّيَّةِ، لَكِنْ نُقِلَ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّ مَالِكًا نَصَّ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّلَفُّظِ بِالْيَمِينِ وَأَجَابَ الْبَاجِيُّ بِالْفَرْقِ أَنَّ الْيَمِينَ عَقْدٌ، وَالِاسْتِثْنَاءَ حَلٌّ، وَالْعَقْدُ أَبْلَغُ مِنَ الْحَلِّ، فَلَا يُلْتَحَقُ بِالْيَمِينِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِهِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَّصِلَ بِالْحَلِفِ. قَالَ مَالِكٌ: إِذَا سَكَتَ أَوْ قَطَعَ كَلَامَهُ فَلَا ثُنْيَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُشْتَرَطُ وَصْلُ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ، وَوَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ نَسَقًا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُكُوتٌ انْقَطَعَ إِلَّا إِنْ كَانَتْ سَكْتَةَ تَذَكُّرٍ أَوْ تَنَفُّسٍ أَوْ عِيٍّ أَوِ انْقِطَاعِ صَوْتٍ، وَكَذَا يَقْطَعُهُ الْأَخْذُ فِي كَلَامٍ آخَرَ.
وَلَخَّصَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، فَقَالَ: شَرْطُهُ الِاتِّصَالُ لَفْظًا أَوْ في مَا في حُكْمِهِ كَقَطْعِهِ لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَمْنَعُ الِاتِّصَالَ عُرْفًا، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَقْطَعُهُ مَا يَقْطَعُهُ الْقَبُولُ عَنِ الْإِيجَابِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَنْقَطِعُ بِالْكَلَامِ الْيَسِيرِ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ بِهِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَفِي وَجْهٍ لَوْ تَخَلَّلَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَمْ يَنْقَطِعْ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ النَّوَوِيُّ وَنَصُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute