للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَاحْتَجَّ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لَهُ وَوَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ عَنْ مُعَاذٍ رَفَعَهُ: إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ حُرٌّ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ حُمَيْدُ بْنُ مَالِكٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِهِ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ لَا يَدْخُلُ فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ لَا تُحِلُّهُ الْكَفَّارَةُ، وَهِيَ أَغْلَظُ عَلَى الْحَالِفِ مِنَ النُّطْقِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، فَلَمَّا لَمْ يَحُلَّهُ الْأَقْوَى لَمْ يَحُلَّهُ الْأَضْعَفُ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الِاسْتِثْنَاءُ أَخُو الْكَفَّارَةِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ إِلَّا الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ، وَهِيَ الْحَلِفُ بِاللَّهِ

قَوْلُهُ: حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ ; لِأَنَّ قُتَيْبَةَ لَمْ يُدْرِكْ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ، وَغَيْلَانُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ.

قَوْلُهُ: فَأُتِيَ بِإِبِلٍ، كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، وَكَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ السَّرَخْسِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي: بِشَائِلٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ، وَبَعْدَ الْأَلِفِ تَحْتَانِيَّةٌ مَهْمُوزَةٌ ثُمَّ لَامٌ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنْ صَحَّتْ فَأَظُنُّهَا شَوَائِلَ، كَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ لَفْظَ شَائِلٍ خَاصٌّ بِالْمُفْرَدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: جَاءَ هَكَذَا بِلَفْظِ الْوَاحِدِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَمْعُ كَالسَّامِرِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: نَاقَةٌ شَائِلَةٌ وَنُوقٌ شَائِلٌ الَّتِي جَفَّ لَبَنُهَا، وَشَوَّلَتِ الْإِبِلُ بِالتَّشْدِيدِ لَصِقَتْ بُطُونُهَا بِظُهُورِهَا. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: نَاقَةٌ شَائِلٌ قَلَّ لَبَنُهَا، وَأَصْلُهُ مِنْ شَالَ الشَّيْءُ إِذَا ارْتَفَعَ كَالْمِيزَانِ، وَالْجَمْعُ شَوْلٌ كَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وَجَاءَ شَوَائِلُ جَمْعُ شَائِلٍ، وَفِيمَا نُقِلَ مِنْ خَطِّ الدِّمْيَاطِيِّ الْحَافِظِ: الشَّائِلُ: النَّاقَةُ الَّتِي تَشُولُ بِذَنَبِهَا اللِّقَاحَ، وَلَيْسَ لَهَا لَبَنٌ، وَالْجَمْعُ شُوَّلٌ بِالتَّشْدِيدِ كَرَاكِعٍ وَرُكَّعٍ، وَحَكَى قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: إِذَا أَتَى عَلَى النَّاقَةِ مِنْ يَوْمِ حَمْلِهَا سَبْعَةُ أَشْهُرٍ جَفَّ لَبَنُهَا فَهِيَ شَائِلَةٌ، وَالْجَمْعُ شَوْلٌ بِالتَّخْفِيفِ، وَإِذَا شَالَتْ بِذَنَبِهَا بَعْدَ اللِّقَاحِ فَهِيَ شَائِلٌ، وَالْجَمْعُ شُوَّلٌ بِالتَّشْدِيدِ، وَهَذَا تَحْقِيقٌ بَالِغٌ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الْمَطَالِعِ أَنَّ شَائِلَ جَمْعُ شَائِلَةٍ فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ.

قَوْلُهُ فَأَمَرَ لَنَا، أَيْ: أَمَرَ أَنَّا نُعْطَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: بِثَلَاثِ ذَوْدٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَلِغَيْرِهِ بِثَلَاثَةِ ذَوْدٍ، وَقِيلَ: الصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الذَّوْدَ مُؤَنَّثٌ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي السَّلِيلِ عَنْ زَهْدَمٍ كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِسَنَدِهِ وَتَوْجِيهُ الْأُخْرَى أَنَّهُ ذُكِّرَ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ الذَّوْدِ، أَوْ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، أَوِ الرِّوَايَةُ بِالتَّنْوِينِ وَذَوْدٌ إِمَّا بَدَلٌ فَيَكُونُ مَجْرُورًا، أَوْ مُسْتَأْنَفٌ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا، وَالذَّوْدُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ مِنَ الثَّلَاثِ إِلَى الْعَشْرِ، وَقِيلَ: إِلَى السَّبْعِ، وَقِيلَ: مِنَ الِاثْنَيْنِ إِلَى التِّسْعِ مِنَ النُّوقِ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَالْكَثِيرُ أَذْوَادٌ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْإِنَاثِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الذُّكُورِ أَوْ عَلَى أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الذَّوْدَ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ بِخِلَافِ مَا أَطْلَقَ الْجَوْهَرِيُّ، وَتَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي بِلَفْظِ: خَمْسُ ذَوْدٍ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: اللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّهُمَا يَصِحُّ.

قُلْتُ: لَعَلَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا يَحْصُلُ مِنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بِلَفْظِ: خُذْ هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ، فَلَعَلَّ رِوَايَةَ الثَّلَاثِ بِاعْتِبَارِ ثَلَاثَةِ أَزْوَاجٍ، وَرِوَايَةَ الْخَمْسِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَحَدَ الْأَزْوَاجِ كَانَ قَرِينَهُ تَبَعًا، فَاعْتَدَّ بِهِ تَارَةً وَلَمْ يَعْتَدَّ بِهِ أُخْرَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بِأَنَّهُ أَمَرَ لَهُمْ بِثَلَاثِ ذَوْدٍ أَوَّلًا، ثُمَّ زَادَهُمُ اثْنَيْنِ فَإِنَّ لَفْظَ زَهْدَمٍ: ثُمَّ أُتِيَ بِنَهْبِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرَى فَأَعْطَانِي خَمْسَ ذَوْدٍ، فَوَقَعَتْ فِي رِوَايَةِ زَهْدَمٍ جُمْلَةُ مَا أَعْطَاهُمْ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْلَانَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مَبْدَأُ مَا أَمَرَ لَهُمْ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الزِّيَادَةَ، وَأَمَّا رِوَايَةُ: خُذْ هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ ثَلَاثَ مِرَارٍ. وَقَدْ مَضَى فِي الْمَغَازِي بِلَفْظٍ أَصْرَحَ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: سِتَّةُ أَبْعِرَةٍ، فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنْ تَكُونَ السَّادِسَةُ كَانَتْ تَبَعًا وَلَمْ تَكُنْ ذُرْوَتُهَا مَوْصُوفَةً بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي كِتَابِهِ: الثَّمِينُ فِي اسْتِثْنَاءِ الْيَمِينِ لَمْ يَقَعْ قَوْلُهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي أَكْثَرِ الطُّرُقِ لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَسَقَطَ لَفْظُ: وَاللَّهِ مِنْ نُسْخَةِ ابْنِ الْمُنِيرِ، فَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ